أثمن ما بالوجود

إِنّ الأَوْقَات التِي نُمْضِيهَا عَلَى صِغَرِهَا مَع مَنْ نُحِب، هِي أَثْمَن مَا بالوُجُود..

أَنْ نَكُونَ بِاِنْتِظَار كَلِمَاتٍ تَحِنّ لَهَا قُلُوبنَا كُلّ صَبَاحٍ، وَأَنْ تَظّلَ أَبْصَارنَا مُعَلَّقَةً تَلْتَهِمُ بِشَوْقٍ وُجُوهًا لاَ نَمّلُ مِنْ مُرَاقَبَتِهَا..

ذَلكَ مَعْنَى أَنْ نَحْيَا بِحُبٍّ لاَ نُدْرِكُهُ.. أَنْ نَتَرَصَد فُرْصَةً قَدْ لاَ تَصْطَدِم بِحِبالِ القَدَرِ مُجَدَدًا، فِي أَنْ نَعِيشَ اللَّحْظَة مَعَ مَنْ يُنْسِينَا الكَلاَم.

هَذَا هُوَ مَعْنَى أَنْ تَكُونَ رُوحًا دُون جَسَدٍ، أَنْ تَعِيشَ لِهَذِه اللَحْظةِ لاَ لِغَيْرِهَا، أَنْ تُغْدِقَ بِحَوَاسِكَ عَلَى الحَاضِر المَفْرُوشِ فِي صَفْحَة الزَمَن، هَكَذَا تَكُون أَوْ لاَ تَكُون، أَنْ تَكُونَ سَرَابًا يَأْبَى الارْتِطَامَ بِقَاعِ الوَاقِعِ، أَنْ تَكُونَ خَيَالاّ يُغَذِّي عُيُونَ مَنْ تُحِبّ، هَكَذَا تُحَقِق نَفْسَكّ.

لَكَمْ وَدَدْتُ أَن تَكْتُبَ إِلَيْكَ وَعُيُونِك تَنْسَدٍلُ فَوْقَ قَلْبِكَ الذِي يَخْفِقُ بِلُطْفٍ كَرُوحِك البَرِيئَة، لَكَمْ كَانَ حُبِّك لَكَ يَهْمِسُ بَيْنَ ضُلُوعِك أَنْ تلاَمِسً السَمَاء بِك، لَكِنِّك هَا أَنت الآن تحُوكُ لَكَ مِنْ فَيْضِ الغَمَام هَذِهِ الكَلِمات التِي تُصَافِحُ وَجْه الشَمْس لِكَيْ تَظَّلَ بَيْنكَ وَبَيْن النُصُوصٌْ نُورٍ مَنْثُور بَيْنَ شَرَائِط الدِفْءِ الرَقِيق.

سَأُخْبِرك يَوْمًا مَا كَمْ هِي جَمِيلَة حَيَاتِك هُنَا، فِي الآفَاقِ التِي لاَ يَحُدُّهَا الحُزْنُ وَالتِي تَمْتّد إِلَى اللاّنِهاية، كَمْ هِي بَسِيطَة بِذَلِك الشَكْلِ الذِي تَنْحَنِي فِيه إِلَيك لتقَبِّل وَجْهَكَ بِعِطْر النَدَى كُلّ صَبَاح..

اقرأ أيضا: فتاة بركان

كَمْ أَنَّهَا فَقَطْ حُرَّةٌ بِدُونِ عُيونٍ تُقَيِّدُك وَأَفْكَار تَعْصِرُ آلاَمًا تَسْجِنُك، لَكِنِّك تبْقَى عَلَى الرَغْم مِنْ ذَلِك تتَحَسسُ كُلّ يَوْمٍ عُيُونَك تتَفَرّسُ صَفْحَة السَمَاء بَحْثًا عَنْ بَصِيص مِنَ الدُمُوعِ المَنْثُورَةِ..

لَكَمْ تُخِيفُك أَحْيَانًا نَظَرَاتُكَ التِي لاَ تَرْتَوٍي مِنْ حُزْنِ العِبَادِ وَلا تَشْبَعُ مِنْ هَمْهَمَاتِ النُفُوسِ الحَائِرة..

فَلاَ تَنْظُر إِلَى الأُفُق بخشيةِ، لاَ تَنْتَظِر المَوْتَ، لاَ تَقِف عِنْد عَتَبة بَابِهِ..

اِرْتَوِ بِعِبْقِ الأَرْضِ فَهِي التِي قَدْ تُنْسِيكَ أَلمَ الصَبْر..

أُشْعُر بِحُبّ الله.. فَلْيَغْمُرْ قَلْبَكَ الذٍي ضُمُر بِاليَأْسِ..

فَلْتَعِشْ بِك فِيكَ وَإِنْ كُنْتَ فِي حَاجَة إِليك..

سَتَجِدُك دَائِمًا مَعَكَ.. فٍي ضُلُوعِكَ.. فِي نَفَسِك.. فِي عُيُونِك.. وَأَنَت تحْمِلُ لَك كُلّ الحُبّ..

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي يوث.

Exit mobile version