أضحُوكة الحياة

تدفعنا الحياة بمعارك وحروب ليس لنا فيها ناقة ولا جمل، معارك تفقدنا صوابنا، تمنحنا رؤية ضبابية لطروقنا؛ تجعلنا أشبه ما نكون بأُناس معمى على أعينهم، تجعلنا نتصارع فى شتّى الجبهات حتى ننسى من نحن؟ ومن أين جئنا ولماذا جئنا؟ وما هي وجهتنا وغايتنا؟..

استوقفني قول دكتور مصطفى محمود: “إننا لا نعيش وحدنا بل هناك الآخرون، وكلهم ينازعون حريتنا ولقمتنا وحياتنا، وفي هذا الزحام نضيع ويطمس الواقع أحلامنا ويأخذنا معه في دوامة من التكرار السخيف من الآكل والشرب والنوم لا نفيق منها إلا لنغيب فيها من جديد وتمضي حياتنا في روتين ممل لا نلتقي فيه بأنفسنا أبدًا ولا نذوق الحب ولا نعرفه”.

هكذا هي الحياة وقد تقحمك بمعارك وهمية تجعلك تظن أنك تملك معركة حقيقة وعدو وسيف وكل ما تنتظره هو فقط أن تنقض على عدوك وتفتك به، وتحقق الانتصار المنشود العظيم، حينما يهيئ لك أنك أصبحت مُشرف على النهاية تجد أنك مازلت عالقاً في مكانك.

وكأنك قد انتابك حلم وحين أوشكت على اللحظه المرجوة، جاء أحدهم وأيقظك من حلمك الوردي، فصببت عليه جم غضبك وعدت لسريرك، ترجو النوم كي تكمل حلمك، حتى أنك أن لم يداعب النوم عينيك مره أخرى أخدت بخيالك ونسجت منه نهاية لحلمك كي تظفر باللحظة المرتقبة.

هذا خلافاً عن ضرباتها المبرحه المتكررة؛ يخبرك أحدهم أنها تشبه الأم كثيرا، حينما تقوم بصفعك كي تحسن تهذيبك وتعلمك الصواب.. وآخر يخبرك أنها تشبه الأب الذى لطالما أخبرك أن القسوة هي السبيل إلى القوة وأن البكاء ضعف وأنه يجب عليك الصمود ومواجهه الصعاب.

حتى وإن أحسنت وتمكنت من النجاة، فكيف بما خلفته بداخلك كيف بحروبك وصراعاتك الداخلية، كيف السبيل إلى النجاة منك؟

هم لا يعلمون أنك قد وهنت من الصمود وأنك قد أسأت من شدة الصواب، وأن تلك المعارك والضربات المبرحة لم تمنحك شيء؛ هي فقط أفزعتك وأفرغتك من كل شيء.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version