ألف ونقطة..

 

وتُذكرني الحروف اﻷولى بأول يوم خطت فيه قدماي للمدرسة، كان يوماً غريباً للغاية شعرت فيه بخوف رهيب، وخصوصاً أني كنت صعبة المزاج انطوائية ولا أحب اﻷماكن المكتضة بالناس، لطالما فررت من ذاك وتلك أبكي وأصر على الذهاب للمنزل..

حينها كان الموقف مختلفاً، سعيدة ﻷني سأدرس وخائفة ﻷني وحيدة بين ناس جدد لا أعرفهم، لم أصرخ كعادتي بل بقيت أتمعن في المحيط الذي أنا فيه، دخلنا للقسم وها هو حرف اﻷلف يعرفني بنفسه وبأشكاله المتعددة الطويلة والمقصورة، ورموز لحروف أخرى…”

يا إلهي كيف سأتعلم كل هذا”…

بدا لي اﻷمر وكأنه معجزة يصعب تحقيقها، فمرت بخيالي فكرة أن الفترة التي قضيتها وأنا أحاول المشي وأتعلم الكلام لم أحس بها حتى لا أتذكرها، حينها حدثت نفسي.. “في هته المرحلة أغمضت عيناي لكي لا أشعر بألم المعاناة سأفعل نفس الشيء أغمض عيناي مجدداً وعندما أفتحهما ستكون الحروف وقتها ملكي وأكتب بسهولة”.

هاقد عادت ذكريات طفلة كانت تخشى رموز الحروف بل خائفة أن لا تكتب يوماً، لتعود الذاكرة إلى حديث اﻷلف لكن النقطة استوقفتني فجأة بأنها لن تتركني وسنتعلم سوياً الكتابة، ورغم ذلك ظلت النقطة قاسية واستوقفتني لفترات وفترات طِوال بعدها..

أكملت المسير في التعلم وحدي ولطالما بكيت حينما كان يصعب علي رسم الحروف أو قراءتها.

نعمة الكتابة بل جنة الكتابة التي أعيشها الآن، نعم جنة.. بها نسافر إلى عوالم مختلفة وأزمنة خيالية، بها تكون أيها الكاتب سلطان دولتك العظيمة، مهما كنت وكيف ما كنت فالقلم سيرفعك إلى بيوت طاهرة في جوفها كلماتك وروحك التي تسكن كل حرف، الكتابة ستعلمك ستعرفك على إنسانك وكيانك الداخلي الذي أرهقه الصمت، بل ستشعرك أنك حقاً على قيد الحياة..

على قيد حروف لطالما كانت تبدو لك في وقت مضى رموزاً صعبة، رموز بدون معنى وهاهي الآن تعبر بك، تحس بك وتتكلم عن صمت يركن بداخلك يخنقك، وتكون لك هي كل ما تملكه حين تساهم من خلالها في إثراء عقول وتوجيهها، فتمنحك دوراً في هذا العالم لتبقى خالداً بكتاباتك وعلمك النافع ﻷمتك والعالم أجمع..

يوماً ما سيشهد عنك حرف بل حروف قدمتها لتنير محيطك. حاول أن تكتب عش أحلامك، أهدافك، وحاول تحقيقها، لا تدع ألمك يضعفك بل اجعله دافع للبقاء للانتصار…

اكتب واكتب مراراً تلك هي وصفة الراحة، اكتب لتعيش وتحقق أحلامك، فلا وجود لتلك الكلمة اللعينة مستحيل.. 

حقاً أشتاقك يا ألف وممنونتك أنا أيتها النقطة.

كاتبة التدوينة: حياة كحيلي

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version