ضيافة أمل
تسمر وراء الباب ورجلاه ترتجفان من شدة الخوف.
– من الطارق؟
برهة انتظار عمت، وسكون يدعو الى الشك.
-لا تخف، أنا الأمل.
ذِكْر الأمل، حرك فيه ماكينة التأمل والتصور في ماض طغت عليه القتامة والتذمر، ماض ملون بالأسود دون الأبيض.
دقة أخرى أنزلته من عالمه الافتراضي إلى أرض واقعه المر. نظر من ثقب حُفِرَ على الدفة، فرأى الطارق مبتسما، مرتديا ألوان الطيف. تشجع وفتح الباب على مصراعيه.
دخل الضيف مطمئنا وهو يمشي الخيلاء، ثم جلس جلسة تنم عن وضوح في الصورة، وعن فسحة للتنفس.
ـ كان بحثي عنك مضنيا، وطيفك صعب العثور، وكأنه تحول إلى جزيئات تناثرت في أرجاء ظلمة واقعك.
تأمل الكلمات المتسرسبة من فيه الضيف، وعلامات الاستفهام تتطاير من رأسه. وقال:
- كيف عثرت علي إذن في ظلمة عتِمة، انحصرت فيها الرؤيا، وانحبست معها كتلة الضوء المنبعثة من أمل تحطمت ذراته جراء لحظة عابرة تشكلت بسرعة؟
- كنت أسيرَ الكلمة، محتجزا، دون محاكمة، وغير متمتع بالضمانات المقررة بموجب قواعد القانون الكوني. جئتك الآن، حاملا رسالة قضت مضجعي، وشتت كل تفكيري، وخنقت كل فرائصي، وشلت كل جرأة سارية في عروقي.
أمل …
أخذ الرسالة، وأنفاسه تتقطع من هلع ثنايا سطورها، وتخوف من شدة كل أمر انقضى أجله. وما أثار انتباهه أثناء القراءة، أمر في زمن المستقبل، “توكل على الله، ثم انطلق، وسر ولا تلتفت”.
في لحظته هاته، شعر وكأن الأصفاد التي كبلت هويته وكينونته منذ عهد بعيد، تحطمت وتكسرت. وأن نفسه المنخنقة تاقت مرة أخرى للتحرر من عبودية الإخوان له، ومن حد سيفهم الممتد طولا وعرضا على رقبته. ثم ارتمت في عشق التحليق والارتفاع في سماء زمكان الواقع المعيش، لتنثر فيها بطاقات الأمل بغد مشرق ناصع.
أدار ليعانق ضيفه، فوجده قد اختفى وتبخر، ليترك على كاهله وزر الرسالة، وأمانة تبليغها، وتنفيذ أمرها…