لم تحتمل السيداتُ المثقفاتُ الصورَ التي انتشرت على الإعلام ووسائلِ التواصلِ منذ أيامٍ وأحدثت ضجةً واسعةً للزوجةِ التركيةِ الأنيقةِ ذات الطفلين التي تقبّل يدَ زوجها كلّ صباح ومساء في حين رأت رباتُ البيوتِ العادياتِ ذلك الأمرَ عادياً أو أنه أمر ضروري لدوام المودة والعِشرة.
والحقيقةُ هي أن معظمَ رجال الشرق إن لم يكن كلهم ومهما بلغت درجة ثقافة الواحد منهم وتنويره ومهما جال من الدول والبلدان فإنهم يحبونَ هذا النوعَ من الإناث اللواتي لا يرفضنَ لهم طلبا ويشعرنهم بأنهم ملوكهن وليس فقط أزواجهن، ولعلّ النجاحَ الكبيرَ الذي حقّقه المسلسل السوري الشهير باب الحارة يُعزى إلى هذه النقطة فنساء باب الحارة هن الطموح الخفي لكلّ رجالِ الشرق وإن أدعى البعض منهم عكس ذلك وليس هناك أجمل على مسامعِ أي رجل شرقي من عبارة (أمرك ابن عمي) و (حاضر ابن عمي) من زوجته والتي كانت تتردّد كثيرا في ذلك المسلسل.
هذا بالنسبة للرجال أما السيدات وأخصُ هنا المثقفات منهن فيعتبرن المبالَغة في احترام الزوج وتقديره وخدمته نوعاً من التخلّف والعبودية بل والغباء أحيانا وذلك بالرغم من كون ذلك الأمر مهم في ديننا الحنيف وأن المرأة مأمورة به وتثاب عليه وتؤثم إن قصرت فيه والأدلةُ على ذلك كثيرة ربما لا يتسع المجال لذكرها كلها ومنها الحديث المعروف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: “لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الزوجة أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا” وقال “إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْت”، وأنه لا ﻳﺤﻞ ﻻﻣﺮﺃﺓ ﺃﻥ ﺗﺼﻮﻡ ﻭﺯﻭﺟﻬﺎ ﺷﺎﻫﺪ ﺇﻻ ﺑﺈﺫﻧﻪ ﻭﻻ ﺗﺄﺫﻥ ﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﻟﻪ ﻛﺎﺭﻩ ﻭﻣﺎ ﺗﺼﺪﻗﺖ ﻣﻦ ﺻﺪﻗﺔ ﻓﻠﻪ ﻧﺼﻒ ﺻﺪﻗﺘﻬﺎ وﺧﻴﺮ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ هي ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺮﻩ (أي زوجها ) ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮ ﻭﺗﻄﻴﻌﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﻣﺮ ﻭﻻ ﺗﺨﺎﻟﻔﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ.
ﻭروي أنه ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ قال لامرأة “ﺃﺫﺍﺕ ﺯﻭﺝٍ ﺃﻧﺖ؟ ﻗﺎﻟﺖ ﻧﻌﻢ ﻗﺎﻝ ﻓﺄﻳﻦ ﺃﻧﺖ ﻣﻨﻪ ﻗﺎﻟﺖ ﻣﺎ ﺁﻟﻮﻩ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻋﺠﺰﺕ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﻜﻴﻒ ﺃﻧﺖ ﻟﻪ ﻓﺈﻧﻪ، ﺟﻨﺘﻚ ﻭﻧﺎﺭﻙ”، ليس ذلك فقط بل بلغ قدر الزوجِ في الإسلام إلى أنه رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة سألته ﻣﺎ ﺣﻖ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ فقالت “إِنْ كَانَ شَيْئًا أُطِيقُهُ تَزَوَّجْتُهُ، وَإِنْ لَمْ أُطِقْهُ لا أَتَزَوَّجُ، قَالَ: إِنَّ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَوْ سَالَ مَنْخِرَاهُ دَمًا أَوْ قَيْحًا فَلَحِسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ”، وذلك بالطبع إن كان رجلاً بالفعل وكان يستحق منها الطاعة أما أشباه الرجالَ الذين لا يؤدون النساء حقوقهن ويريدون منهن سمعا وطاعة فأولئك تركهم أولى وأفضل من ضياع العمر معهم.
“كون المرأة مثقفة فلا يعيبها طاعة زوجها وحفظه في وجوده وغيابه فنحن نكبر حين ننحني لأصحاب الفضائل علينا.”
المؤسف أن بعض المثّقفات والمثقفين منا يرفضون التسليم بحقيقة أن ديننا هكذا، وأنه علينا تقبّله مهما أحسسنا بأن في تطبيق أحكامه عبئا علينا والخطأ الأكبر الذي نرتكبه كمثقفين أحيانا هو أن نظن بأن أحكاماً في القرآن أو السنة قد تناسب عصرا بينما لا تناسب آخر وننسى أنه يتناسب مع كل زمان ومكان من بدء الخليقة حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وأن كون المرأة مثقفة فلا يعيبها طاعة زوجها وحفظه في وجوده وغيابه فنحن نكبر حين ننحني لأصحاب الفضائل علينا بدءاً بسجودنا لله الذي يزيدنا شرفا مرورا بتقبيل أقدام أو أيادي والدينا وبرهم، ثم احترامنا لعلمائنا وأولياء أمورنا وكل من هو أكبر منا عمراً أو قدراً أو صاحب مكرمة علينا.