يطرح الفرد الإنساني عملية العيش بالشكل الذي يوافق راحته، يسير وفق مردوده الذي يحاول التواجد على هوامش السلام الذي يغزوه أو يتوهم وجوده، يحاول في الكثير من الأوقات التريث والتفكير فيما هو آتٍ، ثم يعيد تركيب ما أخذ على عاتقه تفكيكه وتحليله، ليتصاعد على إثر كل هذا أهم ما يتم انجازه رغبة في العالم في أن يكون له ما أراد وقتما يشاء.
من الغريب أن يحاول الفرد الإنساني التأكيد على مستلزمات متحركة وهو ينشد الثبات ومقاومة التغيير، ليس من السهولة بمكان أخذ الغرابة بالحسبان في كل زمن، زوايا الأزمان تختلف، تتصاعد حدتها، وفي أغلب الأوقات تهوي على الفرد بمطرقة صلبة لتغيّر اتجاه عقله الذي يرث الآلية ولا يرث النتائج.
التوازن في عملية العيش-المعيش يكون وفق قواعد وضوابط متعددة..
ربما أهمها الاقتناع بما يحاول الفرد إنجازه على قواعد هو من اختار الأخذ بها والوثوق فيها، فلا يمكن لأيّ كان الصبر على لحظات الرفق البشري ضمن اطارات تغرق في النفي والغثيان، وهذا بالذات ما يصنع الروح ضمن مساحات تجهلها مقتضيات الأفراد.
التعادل هو أساس التوازن..
وهو المسيرة الكبرى التي يقطعها الفرد الإنساني نحو الهدوء وصناعة السلام ولو بصفة ظرفية، الحركة هي الأساس في الحيَاة، هي ما يمكن الفرد الإنساني من فهم ما هو مقبل عليه دون مبررات أو هواجس، لأنّ الداخل البشري يتحدث بلغات فريدة لا يفهمها غيره.
الحرص يمثل آخر قلاع الفرد، يمثل آخر اللمسات التي تطفي على الإنسان أنواعا مختلفة من الرعاية، لهذا تجد الفرد الإنساني قادرا على فهم ردود أفعال الحالات بمختلف انفرادها، في حين أنه قادر على فك شيفرة الوجود الذي يحيط به وفق تصوراته الخاصة، وضمن لحظات بعينها، لهذا يمكننا اعتبار الحرص ضمن أسس التوازن وحتى آلياته.
لم يعد للإنسان من مخرج غير التأكيد على بناء مسرح للتوازن الذي يعبر عنه روحه القابع بداخلك بشكل سرمدي خالص، الرجوع إلى البدء يحقق التوازن، العودة إلى بربرية الإنسان السليقة تجعل منه أكثر ادراكا لما هو بصدد صناعته والعناية به، هناكـ الكثير من الاختلافات من فرد إنساني لآخر، لكن المشترك بينهم هو بحثهم عن الهنــــــــاء.
كثرة البحث تجعل الإنسان أقرب إلى التشتت منها إلى التوازن..
نعم! التوازن!! تلك الحالة التي ينسى فيها الفرد من أين ينبغي أن يبدأ، تلك اللحظة التي يسافر فيها الذهن البشري بعيدا للغاية، فيسكن خلالها كل الزوايا وتفلت منه احداها فيعود باحثا عنها بشغف، هو الشغف في حد ذاته يلبس الكثير من الحُلل والدرر.
من الصعب استعادة توازنكَ عند فقدانه، استرجاعه من ضروب الصعوبة العسيرة، وهذه الحالة تتغذى بشكل أساسي من العوامل المختلفة التي تؤكد على حضور الذهن في فترات وغيابه في فترات أخرى غيرها، لقد شتم الفرد ارتباكه، لكنه أدرك في الكثير من المواقف بأن هذا غير مجدي، إنه العبث.
معذرة أيها الإعصار، لم يبق أيًّا من المهشم حتى تلعب ببقاياه، لهذا عليك الأخذ بحسبانك بأن الإنسان قد صار أقوى مما اعتدت لمسه والموافقة عليه، عذرا! لم يعد الفرد الإنساني قادرا على انتظاركَ، على انتظار شتاتكَ وتمايلك العجيب، لا عجب من البحث عن سلوك ممرات مختلفة، من أجل العثور على المفقود.
التوازن بالنسبة للفرد هو المفقود، هو ما يبحث عنه الإنسان طيلة حياته، من الشك يولد الاضطراب، ومن الثبات يتجدد الكائن الإنساني، الكثير من الأفراد يدفعون أثمانا مضاعفة قصد الحصول على بعض التوازن في أوقات بعينها، رغبة منهم في التماس بعض الهدوء، بعض السكينة، رغم كل ما يحيط بهم.