استمتعوا بالتفاصيل الصغيرة التي تشكل الحياة؛ امشوا تحت المطر بخفة كالأطفال، التهموا الشاورما بفجع.. اصنعوا كرات الثلج واضربوا بها شرفة الجيران.. واصنعوا رجل ثلجي بأنف جزرة وعينان زيتونتان!
اصرخوا وأنتم ترقصون مع أصدقائكم! صفقوا صفقوا بنشوة في تخرج أصدقائكم وأطلقوا الزغاريد التي تسعد الجميع!
احتسوا قهوة الصباح مع أصدقائكم في يوم ممطر وأنتم غارقون بمياه المطر تنتظرون باص الجامعة وتلعنون الدراسة وعميد الكلية المعقد ومحاضرة الصباح الرتيبة ووجه المحاضر القبيح ونصف الساعة الأولى من تمجيد ماضيه وإنجازاته العظيمة التي لم يصل إليها أحد إلا هو! استمتعوا بتفاصيل وجه ذاك الساحر التي تشبه قُبح الفرزدق!
استمتعوا بمحاضرات أساتذتكم ودراسة ساعات شتاء الليل الطويلة بأصوات رياحه المخيفة التي تطرق النوافذ والأبواب وخيالاتكم بأنها حديث جان مع ما تدرسونه من مركبات كيميائية معقدة وسلالات نباتات وأدوية معقدة تهدرون بها كأنها تعويذات سحر أو استحضار جان!
احفظوا قصائد أحمد شوقي الأنيقة بحب، وغزل جميل بثينة العُذري ونثر أحمد درويش الذي يُحيّ الوطن في قلوب من مات فيهم أو ماتوا فيه ويُخلد أسماء مُدن فلسطين في ذاكرة كل من أحب نثره!
اقرؤوا التاريخ والحضارة باستمتاع وأنتم تضحكون على أكاذيب المؤرخين و “التاريخ الكذبة الكبرى”، وتفكروا بحرية بدورة التاريخ ودورة كل حضارة، استمتعوا بأسماء الفراعنة والأهرامات وتاريخ الامبراطورية الرومانية العظيم، ولا تكونوا مجرد منبهرين بعظمتهم.. اقرؤوا عن فضائحهم وجرائمهم باستمتاع أكثر.. اقرؤوا لفولتير ورينيه وعلي عزت بيجوفيتش ومصطفى محمود وطارق السويدان..
مجدوا تاريخنا الحافل بالفتوحات، وتتبعوا مصادر القوة وراء عظمة دولتنا، واستمتعوا بفخر لعدل عمر الفاروق ورفق أبو بكر الصديق، ونخوة العباسي المعتصم بالله، وقوة محمد الفاتح، وأهمهم تمعنوا بحب بكثير من الغرام والشوق لصفات محمد بن عبد الله العظيم وحلمه ورحمته وعدله وبساطته العظيمة.. اقرؤوا جيدا كيف عامل زوجاته وجاره اليهودي وأقباط مصر، كيف كان في الحرب قبل السلام، انحنوا شوقا لرجل قائد ولكن رحيم جلس على قديمة يواسي طفلا مات عصفوره..
وكيف لإنسان واحد أصبح مُلهم وأب روحي وفعلي لأكبر أمة على الأرض حينها، كيف أَمد جيوشة بقوة ويقين والكثير من الدعاء؛ كيف لنبي الإنس والجن يملك متسعاً من الوقت ليجلس مع أصحابه ويعلمهم أمور الدين والدنيا ويقضي في أمور المسلمين، ويحرك بحنكته جيوشاً تفتح أقاصي البلاد وأدناها على رؤوس الأيتام، ويعود المرضى ويلاعب الصبية ويمازح زوجاته ويرحم حتى هوام الأرض.. عليه أفضل الصلاة والسلام..
احضنوا أحبتكم بجنون وشغف حد ثُقل الدم، قبلوا أمهاتكم قبلات مجنونة واستمتعوا مع زوجاتكم إلى أقصى متعة دون خجل أو عتب أو تكلف من مسؤوليات الحياة، تغنجن بأنوثة وطفولة على أزواجكن واستمتعن بنظراتهم وأنفاسهم وحتى قُبح أصواتهم أثناء الغناء وفظاظة بعض ألفاظهم الصبيانية!
تجادلي مع أخواتك على ملابسهم التي سرقتيها وسافرتي لاستكمال جامعتك، أقنعيهم بأنك لم تأخذيها بل سرقهم ابن الجيران لحبيبته!
مازحوا أخواتكم بالقرص والضحك، أوصلوهُن إلى السوق ليقتصوا من مصروفهن ويرشوكم بعلبة سجائر أو وجبة عشاء في KFC..
اجمعي صديقاتك وارفعي صوت السماعات المكبرة وأنت تستمتعين بأغنية هابطة ولكن لحنها لذيذ وتُجيد تحريك خصرك بحرية وسعادة، والتقطن الكثير من السلفي والسناب شات وفلاتر ورد وقرد وغزال..
اصنعوا كثيراً من مساحات الحب والأمل في كل مكان،، اقرؤوا الجمال في كل التفاصيل.. في أزقة الحي القديم، في كتابات عشوائية على جدران أحد المقاهي، في ألوان الدرج القديم، في أشكال أولئك المارة الذين بلغوا من الكِبر عِتيّا وتسكنهم ملامح الحياة ومجريات الزمن، في أصوات أطفال صغار، في أحلام طلاب علم تسكن عيونهم المُجهدة أحلام عظيمة ورغبات تجبرهم على الاستمرار.. وفي نظرات مُحبين يرسمون الحياة والعائلة بابتسامات وأغاني وفية..
عيشوا للأبد.. بالتفاصيل!
وقت العبادة استحضروا الله ولا تكترثوا لشيء إلا هو سبحانه..
وقت الترفيه استمتعوا لأقصى حد..
وقت الجد امتهنوا ما في أيديكم وكأنكم أدوات الله في الدنيا..
وقت العائلة قدسوه واستمتعوا بالضجيج والحماقة والجد والجدال..
استمتعوا بالحياة حد الجنون دون استحياء، طالما لم تخدشوا حياءكم مع الله، وتستمتعون في التفاصيل.. ?