العيد.. لنفرح قليلا رغم مآسينا

العيد.. لنفرح قليلا رغم مآسينا..

عيد أم ذكرى؟، أنا لا أدري هل هو عيد أم ذكرى مولد، أم هو عيد مولد، أم هو يوم كأيام الله، فقط لا غير..

وقد نتفق على كنهه، قد نختلف، قد لا نتحدث عنه، ولا يسبر أحدنا رؤى الآخر، ونمضي ونحن لا ندري إن كنا على اختلاف أم إتفاق، لكنه يوم يجب الفرح فيه، نكاية في هذا العالم المحموم، وهذا الزمن الذي يحمى وطيس الموت فيه يوما بعد يوم، بهمجية حتى التتار يستحون منها..

من أجل أن نفرح، تعالوا لنكف قليلا عن دندنة “عيد بأية حال عدت يا عيد”، لحنا مخشوشنا كأنه دمدمة رعد، فـ المتنبي لم تعد قوافيه تستطيع بلسمة جراحنا المتقيحة..

فلنتوقف عن نعي غوابر الأيام ولو برهة، ونناغي الفرح في وجه الصبايا والصبيان، لنكبر بعبثهم الصغير، ونصغر معهم هروبا من عبثنا الكبير..

من أجل أن نفرح قليلا، نكاية في المآسي، صار لزاما أن ننزع أوتاد خيمة خلافاتنا حوله، ونتماهى مع تباشير الفرح المرسومة على أسارير الصبيان؛ التي غيبتها عنا السنون قسرا، ومع اليقين المحفور أخاديدا علي وجوه الجدات والأجداد، كخرائط للمستقبل..

العيد .. دعونا نفرح

أن نضغم أنفسنا المنهكة والمنتهكة، في صخب الأطفال الذي يناغي المستقبل الجبان، ونعيش اللحظات بتجرد من يقينياتنا الضيقة، ومآسينا الواسعة، نوقذ الذكريات، فنعيشها لنحياها في تمتمات الكهول المترنمة بألف صلاة وصلاة، والمهدجة بالعبر والدعوات، ونستنشق الحياة في ضفائر الجدات المعبقة بالقرنفل المعتق..

أن نفرغ المكان من كل بذاءاته العفنة، وأن ننسى لعنة الزمان الموبوء؛ التي أسرت بنا غفلة، دون مشيئة أو سعي على ظهر براقها، من لحظات طرية المشهد، نحو أخرى قاتمة غربيبة كليلة شتاء مجنون، أن نرمي عن كتاف أكتافنا صخرة سيزيف المزيفة، وثقلها الوهمي، أن نسكب ضوء القناديل في غبطة العتمة لنغتالها بسكين الضوء..

أن ننحت منقوشة طلح على لوح الكثيب الكئيب، ونشكل بها سلافا لتاريخ أبجدية عيديّة البوح، بوح بأشذاء معتقة بروائح الأيام..

الأيام التي عمدتنا بنبيذ الفرح، الفرح الذي كان بسيطا حد السذاجة..

سذاجة بريئة كلحظة انتظار المطر، المطر الذي بلل أوجهنا الصافية، وأسكرنا حد العربدة بمذاق التراب..

تلك التراب التي اغتالتنا بلا هوادة، وأنوفنا في الرغام، قبل أن تعمد سيوفها فينا..

وتبعثر أشلاء نشوتنا الطفولية، التي خرجنا منها أساتذة الخسارات الفادحة، ومبدعون في اقتناء أسماء الخيبات، ومدججون بسيوف الحقد ورماح الكراهية، أشباه إنسان، تغول في بهيميته حد العظم.  

جميع المقالات (خواطر أدبية) المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي يوث.

Exit mobile version