لا أعلم بالتفصيل كيف مضت تلك الليلة على قلوب الفلسطينيين ولكنني أستطيع أن ألامس جزءا بسيطا من وجع أصابهم كما لم يصيبهم من قبل..
أعلم جيدا أن القدس بالذات كانت تنزف وتنزف دون توقف، وبكت في صمت مريب.. أعلم أن الجميع ندد ومازال يُندد أين هم العرب المسلمون؟ أليست القدس لهم أيضا؟
أعلم أنه ما أن انتشر الخبر المفجع حتى بدأ الجميع بتغيير صورهم في مواقع التواصل الاجتماعي كدليل على التضامن والغضب، ذاك الدليل الذي ما عاد في الوقت الراهن يفيد بأي شيء..
أعلم أيضا أن العرب قالوا ليس بيدنا حيلة..، عاجزون عجزا تاما ولا نستطيع أن نفعل حيال هذا الأمر شيئا، عبث، هذا الكلام عبث، قد نعجز بأفعالنا، ولكن بوسعنا أن نسمعهم صوتنا في أعالي السماء، أن ندعو كثيرا ونصلي أكثر، أن نعتبر القدس لنا بالفعل وليست للفلسطينيين فحسب، أن نتعامل مع الوضع بجدية لا أن ننساه بعد يوم أو اثنين..
قلوبنا بالدعاء ترعاكم.. روحنا وفكرنا كله معكم.
ستبقى القدس مدينة فلسطينية عربية إسلامية، دوما وأبدا، حرة أبية رغم أنف أمريكا والكيان الصهيوني وكل من يؤيدهما، رغم أنف قراراتهم ومخططاتهم الكيدية، ستبقى القدس شامخة ببطولة رجالها المخلصين ونسائها القويات، ستبقى القدس شامخة بتضحيات رجالها ونسائها في سبيل الحفاظ عليها، تلك البطولات والتضحيات التي ومنذ أن وعيت على الدنيا وأنا أسمع واقرأ عنها، تلك التي لم تتوقف ولن تتوقف.
ستبقى القدس مالكة قلوبنا، قبلتنا ومسرى نبينا، ستبقى بحفظ المولى بإذن الله وستبقى القدس تعانق اسم فلسطين دوما كعاصمة أبدية شاء من شاء وأبى من أبى فلا مكان ولا شرعية ولا سيادة لليهود في أرض احتلوها غصبا وقهرا وظلما..
قرأت ذات يوم لشخص أجهل من يكون:
“إن إسرائيل قد تضمن حياتها لسنوات عشر أو عشرين أو ثلاثين، ولكنها ستمحى كما تمحى الكلمة الخطأ، لأن القواعد التي قامت عليها أوهن من أن تثبت، وأضعف من أن تدوم. هكذا قال الأنبياء وقال العلماء وحدثنا التاريخ منذ بدايته إلى اليوم.”
عزاؤنا الوحيد أنهم مهما حاولوا طمس هوية الفلسطينيين ومحو تاريخها إلا أن محاولاتهم ستفشل في كل مرة.. ويوما ما ستعود الأرض لأصحابها أولئك الذين لم يستغنوا لحظة عنها.. وحاربوا وناضلوا، ماتوا وعاشوا، حزنوا وتوجعوا دون أن يفكروا في الاستسلام أو التخلي عن القضية.
قدسنا يرعاها خالقنا، أنت حسبها يا الله رد كيدهم بنحرهم واحفظها بقوتك وتغمدها بلطفك، فقدسنا ستبقى شامخة مندمجة في فلسطين لا تنفصل عنها، ملتصقة بها لحد يصعب التفريق بينهما.
صحيح أن القدس هانت على الخونة وبيعت بأبخس الأثمان، ولكنها بأعيننا نحن ما هانت ولن تهون أبدا.. فلا عاصمة للمحتلين، بل العاصمة للأرض والأرض فلسطين..