اللسان الذي يخونك اقطعه

مقاطِعون أم مقاطَعون!

ذات صباح استيقظ المغرب على هاشتاج #مقاطِعون والذي ينص على مقاطعة بعض المنتوجات بعد أن ارتفع ثمنها مثل “سنطرال”، “سيدي علي”، “إفريقيا”، فما كان للشعب المغربي إلا أن تجاوب مع هذا الهاشتاج وأصبح حديث لسان مواقع التواصل الاجتماعي..

لكن اتضح أن الشعب المغربي انشطر إلى نصفين فئة مقاطِعة وفئة غير مقاطِعة غير مكترثة لما يحدث، هذه الأخيرة هم أناس يعتبرون المقاطعة مجرد تفاهات ربما لكون زيادة درهم أو درهمين لا تؤثر عليهم فهم يستطيعون التأقلم مع هذه الخطوة، دعنا لا نتحدث عن المال ونتحدث عن الإنسانية فإن لم يضركم أمر الزيادة هذا فقد ضرَّ إخوتكم ومن واجبكم كإخوة الوقوف وقفة واحدة في السراء والضراء.

إن المسؤولين تسعدهم تفرقتكم هذه ويجدونها في صالحهم ليتجبروا رغم أنهم هم أيضا من الشعب، فيوم انتخبتم أولئك الناس كان بفعل ثقة ليكونوا صوتكم المسموع لكن السلطة أغوتهم فخانوا الثقة.

من قال أن في يدهم السلطة!؟ إن السلطة سلطتكم وأنتم من وضعها في أيديهم ولكم كامل الحق في أخذها وسحبها منهم، لذا وجب عليكم الوقوف في صف إخوتكم المتضررين وقاطِعوا الظلم والبطش.

أما بخصوص الفئة الثانية فهم أناس انفجرت من كثرة الضغوط والظلم أناس مدخولهم الشهري أو اليومي لا يمكنهم من شراء حتى أولويات العيش فما بالك بثانويات من أجل الترف، إنهم متضررون كل شيء هو غالي بالنسبة لهم وهم بالفعل مقاطِعون منذ زمن، قاطَعوا عدة منتوجات لأنهم لا يملكون المال الكافي، لو سألتهم هل أنتم مقاطِعون لأجابوا ماذا سنقاطِع لنقاطِع! نحن قاطعنا الحياة.

إنه لأمر يحز في القلب أن يقاطِع المرء الحياة ويقتل داخله شعلة الأمل، ومحزن أن يصبح ناقصا يعيش بعلّة ينتظر الموت الرحيم وفوق كل هذا البلاء يعاقَب لكونه درويشا ويتلقى أقصى العقوبات، نعم إن ارتفاع مستوى المعيشة هو بمثابة سكب الملح على الجرح هو ضربة بدل أن تقضي عليه ستوقظه من سباته الذي دام لسنين والذي اعتبره الطغاة خوفا منهم.

إن صمتهم لا يعني خوفا منهم بل هو صبر لكن نقطة وكفى فاضت الكأس وتحدث الدرويش لكن المسؤولين الطغاة سخروا من الأمر في الأول واعتبروه دعابة وسرعان ما اختفت ابتسامتهم تلك فقد علموا أن الدراويش جادُّون هذه المرة، لن أقول أن الأمر أرعبهم لكنه زعزع ظنهم أن الشعب مجرد “مْدَاوِيخْ” لا يستطيعون التعبير عن غضبهم، في الحقيقة أنا أشاطرهم رأيهم هذا إن الظلم بدأ منذ زمن بعيد والتزم الشعب الصمت، تلقى ضربات مرة وألف ولم يحرك ساكنا لم الصمت! أو لسنا نقول “نهار الأول إموت المش”.

إن أولئك الطغاة ليسوا سوى متحدثين بصوتكم أنتم من وضعهم هناك ليعبروا عن آرائكم لا لطعنكم إنهم ألسنتكم وإن حدث وخانتكم ألسنتكم اقطعوها لا جدوى من وجودها وعبروا عن أفكاركم ولو بالإشارات، لكم حرية التعبير لا أحد يستطيع إخراسكم.. لا تسمحوا لمجموعة من المريضين الكاذبين أن تجعل منكم دمى تحركها على هواها بخيط طرفه بالأساس في أيديكم وتستطيعون قطعه في أي وقت ما دام يسبب لكم الضرر، حتى وإن ماتت فيكم الحياة فقلوبكم ما زالت تنبض وحتما لم يفت الأوان قاطِعوا ما هو مضر لكم وقاطِعوا من هم السبب في قتلكم أيقظوا فيكم الحياة.

بالمناسبة دعوني أعقِّب على البعض منكم لا أريد أن أنعتهم بالهمج أو الرُّعاع لكن سأكتفي بقول أنهم جهلة، إن فعل المقاطعة تم الجهر به وقد بلغت الرسالة المقصود فلا داعي لأساليب التخريب تلك فهي لا جدوى منها لا نتيجة لها سوى الفوضى فأظهروا بعض الوعي والرقي، المقاطعة تعني عدم اقتناء المنتوج وليس تخريبه أو المساس به..

إن العلاقة بين الشعب والمسؤول يجب أن تبنى على ثقافة الحوار والنقاش، على الشعب أن يخاطب المسؤول للتعبير عن أفكاره وعلى المسؤول أن ينصت وينفِّذ وإن كانت أفكاره غير صحيحة فالنقاش خير حل، المسؤول مطالب بالخروج لتقديم تفسير للشعب عن أي خطوة جديدة يخطوها وأكرر مطالب بالتحدث لا الصمت.

الصمت هو استفزاز والتحدث بلغة الشارع أو نعت الشعب بألفاظ لا معنى هو يسيء للمتحدث بالدرجة الأولى ويسيء للشعب كما أن الاستفزاز والإساءة عاملان كفيلان بقلب المائدة عليكم وكفيلان بسحب السجاد من تحت أقدامكم، إن الشعب يريد التقدم للأمام وإن ما تفعلونه كفيل بإرجاع البلاد ألف سنة إلى الوراء.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version