اللغة العربية كائن مهدد بالانقراض

اللغة العربية

اخترت هذا الموضوع لملاحظاتي أن الكثير ممن أعرفهم، ليسوا متمكنين من اللغة العربية، يقعون في الكثير من المغالطات، حتى تلك البسيطة منها والتي يتقنها تلميذ في الابتدائي يعجز أغلب الشباب عن فهمها.

دعونا نعي ونحسس الشباب عامة والأساتذة خاصة بضرورة نشر الوعي في تعليم اللغة العربية وعدم التفريط فيها حتى لو لم تكن لغة عالمية ما المانع من تعلمها للحفاظ على هويتنا؟؟!

من الجيد أننا نكتب نقرأ ونتعلم، لكن ما ليس جيداً أن ننسى لغتنا في كثير من الأحيان؛ فبعضنا لا يعرف الكلام باللغة العربية الفصحى! إذ طغت لغات أخرى على اللغة العربية الأصيلة، فتجدنا نتحدث بطلاقة كل اللغات، لأنها عالمية وعندما نصل إلى لغتنا لا نفهم نصف كلماتها والنصف الأخر لا نعرف كيف ننطقه.. والسبب أن لغتنا القديمة تلاشت واضمحلت مع مرور العصور وبمنطق البعض “بما أنها ليست عالمية فلماذا نتعب أنفسنا بتعلمها”!! ما هذا المنطق؟

أسفي على الأولياء الذين لا يشجعون أولادهم ولا ينصحونهم بتعلمها، بل حتى أولئك المتميزين فيها لا يلقون التحفيز، يتم قمعهم وكبت مواهبهم وشغفهم منذ الصغر، في حين يطالبونهم بتعلم لغات أخرى كالفرنسية والإنجليزية وغيرها تأمينا لمستقبلهم؛ باعتبارهم أن اللغة العربية لا أهمية لها، نعم هي ليست مهمة لأننا نحن آمنا أنها هكذا واستسلمنا للأمر الواقع، نحن صنعناه ولم نحاربه..

وحزني عندما أرى بعض الشباب العرب لا يتقنون لغتهم بشكل مطلق، أقاموا عليها صلاة الجنازة وقريبا سيدفنونها، لا نعلم أين! صحيح أن دولنا العربية تعرضت للاستعمار، وهذا الأخير لم يستهدفه أراضينا وثروتنا فقط؛ إنما يستهدف هويتنا وثقافتنا، إذ منعونا من التعلم وفتحو مدارس تعلّم لغتهم فقط ليجردونا من هويتنا.

فزنا بالكثير من المعارك وطردنا المستعمر من أرضنا، لكننا لم نتحرر منه فكريا، فشلنا في استرجاع مجدنا، وترك لنا المستعمر بصمة في تاريخنا بالحبر الأسود، قديما كانت لغتنا من أسمى اللغات، برزت في كل المجالات وفتحت الكثير من الحضارات، كان الشعراء يتغنون بها من العصر الجاهلي حتى ظهور الإسلام، ضربوا بها الأمثال في الفصاحة والبلاغة، رفعوها عاليا وافتخرو أنها لغتهم.

أين نحن من أولئك الذين آمنوا أن هذه اللغة لغتهم التي ازدهرت بها الأمم والحضارات، لماذا ننفر منها ومن قبلنا كانوا سباقين لتعلمها، فمع تقدم الحضارات تراجعت قيمتها لتصبح نسيا منسيا، بالنسبة لنا في حين أن للغرب كلام آخر؛ فقد أخذوا منا الكثير ودرسوا البلاغات والنحو بالعمل الجاد، بينما نحن نتعلم ولا نطبق ونقلد دون استفادة، هم سبقونا فتعلموا، علموا، طبقوا، فازدهرت لغتهم ووصلت للعالمية، لا أنكر هذا، وأقر واعترف أنها لغات نحتاجها في حياتنا ويجب علينا تعلمها وإتقانها لكن لماذا ننسى هويتنا في ظل الانبهار بالهويات الأخرى؟!!

في محاولة مني لمعرفة آراء المقربين مني في هذا الموضوع، طرحت أسئلة عديدة عن رأيهم في اللغة العربية وما الذي تعيشه في وقتنا الحالي..! طبعا البعض لم يكترث، ولكن آخرين اهتموا بالموضوع
مبينين أنها لغة القرآن وتحكم في طياتها كمّا هائلا، لكن لم يعطوها حقها..

ولا بد أن نشير إلى أن اللغة العربية لم تكن أبدا الأساس في التقدم والتأخر بل عجلة التقدم تسير بهوية واخلاص وهمة الإنسان. البعض الآخر ينظرون إلى أن اللغة العربية هي أفصح لغة من حيث البلاغة والقواعد وما تم ملاحظته مؤخرا أن المجالات التي تستخدم فيها قلت جداً، حيث تم استبدالها بلغات أجنبية، كما أظن أن الشباب الحالي مقارنة مع الشباب الماضي قد بدأ بالتخلي عن لغة البلاغة والفصاحة بحيث لم يعد أغلب الشباب يهتمون بالقراءة أو الكتابة باللغة العربية خاصة، فما بالك بتعلمها أو بإتقانها.

اكتفينا من التقليد والاقتباس وبطبيعة الحال نحن السبب في الوضع الذي آلت إليه لغتنا من تدهور ورداءة وقد صدق اين خلدون في قوله :”المغلوب مولع بالتقليد الغالب”، وكما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ”.

قد أكون بالغت كثيراً في طرحي للموضوع، لكن هذه حقيقة مجتمعنا العربي، وإن لم نسعى للتغير في فكرنا سنبقى في دورة ما بين التقهقر والانحطاط، بالرغم من أن التمني لا يحقق شيئاً، لكن أرجو رغم أن الرجاء من غير الله مذلة، أن تحيا لغتنا من جديد وأن لا نستنقصها وأن نعطيها حقها.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي يوث.

Exit mobile version