المرأة على شفا جرف

حاولت المرأة العربية مؤخرا الانعتاق والخروج على النسق الذي وضعت فيه منذ زمن بعيد ورفضت المكانة الوحيدة التي خصصت لها وروضت عليها خلال أحقاب متتاليا من التاريخ العربي والإسلامي، وهي المنزل وتربية الأبناء..

فالمرأة في المجتمعات العربية الإسلامية هي عبارة عن وسيلة لإكثار النسل وخدمة المنزل ولا شيء آخر، وكأي تغيير أولي مصدره الكبت والتمييز والإقصاء في جميع جوانب الحياة لابد من أخطاء وعقبات لأن هذا التغير مصدره الأول الكراهية والحقد دون أن يكون هناك هدف واضح أو منهج للعوائق المستقبلية التي تأتي بعد نجاح الثورة أو بعد استرداد الحق المسلوب.

وهذه الظاهرة إيجابية حقيقة لأن المرأة هي التي تخلق الحضارات وتنشأ بين أيديها وهي مربية الأجيال وواضحة الزرع الأول من مبادئ وقيم وعقليات ومفاهيم، ولها الفضل في كل تقدم تشهده البشرية سواء كان حضاري أو أخلاقي أو إنساني لأن مرده لها.

تلقت المرأة العربية عقبات كثيرة ووقعت في أخطاء فادحة أدت إلى نكران ذاتها وفطرتها الطبيعية وجنحت إلى الرومانسية واللاواقعية وتخبطت في متاهات العشوائية واللاعقلانية.

وسبب ذلك يعود في المقام إلى المجتمع وضغوطاته التي يمارس عليها، وإلى الرجل وبالأخص ذلك الذي يدعي الثقافة والتنور والانفتاح، فقد تودد لهذه المرأة وتقرب منها على أنه شخص مساعد ومشارك في المشروع التنويري لكنه ليس إلا صيادا يريد ما يسد به رمقه الجنسي وهذه هي طبيعة الرجل العربي على كل حال، حاول من خلال ارتداء قناع الثقافة أن يحصل على ثقة هذه النوعية من النساء التي تمتلك عقلا حادا وذكاء خارقا ولا تؤمن بأفضلية الرجل ولا يغريها ماله أو شكله، فجاءها في شكل جديد قد يغريها شيئا ما خاصة أنه مساعد في الأحلام والرؤى، لكنه ما إن يحصل على ثقتها حتى يبدأ يكشر عن أنيابه ويظهر صورته الحقيقية دون أي مساحيق فيؤذي هذه المرأة ويحولها إلى كائن كاره للجنس الآخر ومتنكر لحقيقته التي تثبت أن لديه جوارح وميول ورغبات وواجبات عائلية ومجتمعية؛ فيجعلها بذلك تناقض نفسها ولا تعلم ما تريد وأكسبها فوبيا من الآخر.

تقول د. نوال السعداوي في كتابها “المرأة والجنس”، ما فحواه أنه باستطاعة المرأة أن تثور على العادات والتقاليد وتضفي لحياتها ومجتمعها إضافات نوعية وإسهامات كبيرة وجبارة دون أن تتنكر لحقيقتها وهي كونها امرأة تحب وتمتلك رغبات وعواطف وليست مجرد آلي لا يتقن إلا التمرد والحنق على الجنس الآخر.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version