الوعي العميق

خلال الحياة اليومية نثبت قمة نبلنا وأخلاقنا في تعاملنا مع الأشياء عامة والأشخاص خاصة من خلال الأسلوب أو الصبر أو الابتسامة والإحسان والخلق الطيب..

جميعنا فشلنا ذات مرة في أن نكون مكملين لأحدهم، أو كنا فردا ناقصا مليئا بالثقوب وبالعيوب أحيانا، وأحيانا أخرى شكل لنا وعينا بذواتنا وبحقيقتنا فرقا كبيرا لنظرتنا لبعض الأمور..

لنقل إذن؛ أن وعينا الزائد سبب لنا التعاسة في مرات كثيرة، الوعي العميق والتدقيق الطويل وتفسير الأحداث وتحليل كل التفاصيل مأساة حقيقية نتيجتها السواد العظيم وتعاسة مزمنة..

حين لا تسير أمورنا على ما يرام وكيف ما نريد، نجد أنفسنا انغمسنا بالتفكير الطويل وفي تحليل الأحداث للوصول إلى الحلول، هذا يضعنا في خوض غمار المعرفة والبحت في التفاصيل مما يؤدي بنا إلى معرفة حقائق خفية تجعلنا في مرحلة الوعي العميق الذي لا محال ينضوي بنا إلى التعاسة..

سأحدثكم عن طريقتي في التعامل مع أغلب الأشياء التي لا أجد لها تفسيرًا سواء أكانت مشكلة اجتماعية أو حدث سياسي أو ثورة الشعب مثلا..

في بعض الأوقات؛ تفكيري الزائد في مستقبل بلدنا والمشاكل التي تعصف بنا، تجعلني أكره العيش فيه، وهذا ما يسبب لي التعاسة والقلق، فالوعي العميق بالأمور يصيبني بمأساة حقيقية تحتم عليَّ إعادة النظر في بعض الأمور..

فمثلا كلنا نعرف أننا نعيش في بلاد لا نحصل على ما يمنحه لنا القانون إلا بعد معاناة طويلة في الإدارات العمومية، ولا قيمة لنا إلا إذا كنا “نرقص على الوحدة ونص”.. أو معنا رؤوس أموال لا تعد ولا تحصى..

كلنا نعرف أن في وطن لا نملك الحق في الشغل إلا إذا كانت أسماؤنا من بين الأسماء المصادق عليها في سلم الرشوة والمعارف، ندرس ونطلب العلم وكلما كبرنا نعرف أن هذا الوطن لن يعطينا قيمتنا إلا إذ كنا نسخ طبق الأصل لمن يميل خصرهن في الفنادق الضخمة.. وإنها تسخر كل شيء لكي تصنع منا قطيع لا يستطيع أن يميز بين العيش الكريم وبين الذل والقهر..

وعليه فالحل الأمثل أن نمتلك القدرة على خلق وعي عميق لأنفسنا بعيدا عن المشاكل السياسية والاجتماعية، وأن نجعل من هذا العمق الملاذ الأوحد لخروجنا بأقل الخسائر.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version