بذورٌ وجذور

تُثمرُ النباتات ما يُزرعُ فيها من بذور، فَبذورِ الوردِ تُحصدُ حدائقَ غنّـاء، والشوكُ لن يكونَ سوىٰ صبار! هكذا نحن، يشتـدُ عودُنا يوماً بعد يوم، نحملُ بداخلُنا ما زُرِعَ فينّا، وما رسخه أهلونا ومجتمعاتنا التي نشأنا بينهم وفيها، فيقول تعالىٰ “وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًاً..”.

ما بُنيَ عَلى تخطيط سليم ورؤية ثاقبة يَصِحُ حتى النهاية، فإن كانت مشاريع الأعمال وسوق التجارة يتوجب على من يرغب الخوض فيها عمل دراسة جدوى لها ورسم الأهداف البعيدة قبل القريبة، ووضع الخطط لإنجاحها والوصول بها نحو الهدف المنشود وفق أسس ومبادئ وخطط بديلة تضمن القدرة على تجاوز العقبات وتخطي العثَرَات..

فإن الزواج وإنجاب الأبناء مشروع حياة بأكملها قائمٌ بذاته، يتطلب أضعاف الخطط، وسلامة الرؤى، ونقاء الأهداف، لأنه عندما تتخذ القرار بالبدء في هذا المشروع، فإنك بذلك ترسل للمجتمع رسالة تقول فيها: “أنك أصبحت عامود تُقيم إحدى جوانبه، بأبناء ستنجبهم وتزرع فيهم بذوراً صالحة، قائمة على العلم والدين والخلق، جذوراً راقية تمشي بين الناس، نور على نور.

فإن لم تكن أهلاً لتُقْدم على ذلك المشروع فَتَنَحَ أثابك الله، وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”، فكلٌ سوف يُسأل عن بذوره التي تُخرج نباتات فاسدة تصيب تربة المجتمعات بالعَطَبْ..

وإن كانت الأرض تدور، والليل والنهار في تعاقب مستمر، والحياة متغيرة متقلبة، فبالطبع لن يكون الإنسان جامد، سيتأثر بما حوله، وتؤثر به نكبات العيش، وذبذبات الحياة، ولكن أصحاب الجذور الصالحة والبذور الطيبة لن يقعوا في الفخ وينجرفوا مع تيارات الآخرين الفاسدة، ستكون بداخلهم دائماً نقطة يعودون إليها، لديهم ولاء لبذورهم الطيبة..

فأنتم يا من تفكرون في إكمال نصفكم الآخر، يا من لديكم الشجاعة على خوض مشروع الحياة الأكبر، اهتموا جيداً بجذور أبنائكم، واختاروا لهم أفضل البذور، فأصل الجذور بذور..

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version