تونس (MTAPOST) – بنزرت قصة عشق للبحر، وتاريخ من البسالة والنضال ضد جموع الطامعين والمستعمرين، بنزرت مدينة الجلاء تطل في شموخ متدثرة بأمواج من البحر الحالم وزرقة السماء الصافية.
تقع فينيسا أفريقيا بنزرت في شمال الجمهورية التونسية على بعد 75 كيلومترا عن العاصمة التونسية، وتعتبر منطقة الرأس الأبيض في المدينة أعلى نقطة على الإطلاق في أفريقيا، تشغل بنزرت مساحة تقدر بـ3.685كم² وبتعداد سكاني يتجاوز النصف مليون نسمة.
نبذة تاريخية وأصل التسمية
تؤكد المصادر التاريخية أن مدينة بنزرت كانت مدينة فينيقية تابعة لأوتيكا مثلما هو الحال لتونس التي كانت تابعة لقرطاج، وقد تعرضت للغزو في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد من قبل القائد الصقلي أغاطوكل قبل أن يضمها يوليوس قيصر إلى الإمبراطورية الرومانية وقد أطلق عليها تسمية هيبو ديارتوس، والتي تعني المدينة التي تشقها المياه.
تعاقب على المدينة بعد ذلك الونداليون الذين لم يستقروا طويلا فيها، وذلك بعدما سيطر البيزنطيون على المنطقة أوائل القرن السادس الميلادي، وجعلوا من مدينة بنزرت مركزا تجاريا هاما في شمال إفريقيا، اعترافا منهم بموقعها الاستراتيجي الهام ومكانتها في حوض البحر الأبيض المتوسط، وأقاموا فيها أهم معالم بنزرت التاريخية في وقتنا الحالي وهي معقل القصبة وأسوارها.
استطاع حسان بن النعمان دخول المدينة في أواخر القرن السابع عشر سنة 698م، لتخضع المدينة للحكم الإسلامي في المنطقة، وأطلق عليها تسمية بنزرت، بعدما كانت تسمى هيبو ديارتوس.
بنزرت الحاضر
بنزرت اليوم أحد أهم وأجمل مدن تونس، وبها أهم الموانئ البحرية. تنازعك في ربوعها المواقع السياحية من فنادق ومطاعم ومتاحف وقلاع ومساجد وأسواق متعددة. إنها حقاً مدينة ساحرة تحتضن المتوسط فيغدق عليها جمالاً قلما تعرفه مدن العالم.
هدوء بنزرت ومناخها الجميل يجعلانها ملتقى يستريح فيه السياح لما تتمتع به من مناظر خلابة وهواء عليل يمنح النفس شعوراً بالراحة. وليل المدينة مؤنس للغاية ففيها مقاهي الأرصفة على ”الكورنيش” لتتيح لك فرصة الاستراحة وتمتع بنسمات لطيفة.
وشوارعها مسلية تغطيها بعض الشجيرات وتأخذ بيدك إلى سوق المدينة الشعبي حيث المصنوعات الفخارية والجلدية والمنسوجات ذات الأشكال المتعددة البربرية والأندلسية وحمل تذكار من هذه المدينة شيء رائع سيجعلك تتذكر دوماً رحلة من أجمل رحلات العمر.
للمدينة العتيقة ببنزرت طابعها الخاص حيث يمتد أقدم حي فيها من الشرق إلى الغرب باتجاه شارعين كبيرين، وتتقاطع أنهجه حسب رقعة الشطرنج تتخلله عدة مساجد وزوايا وحمامات ودكاكين الحرفيين التي تذكرنا بمغارات علي بابا.
وتغري المدينة زوارها للقيام بنزهة في مينائها القديم (المرسى) الذي ترسو به سفن صيد صغيرة مزينة بألوان زاهية متجانسة مع ما يحيط بها من منازل تبدو بمعمارها الأندلسي القديم وأنهجها المرصفة بالحجارة مثل لوحة طبيعية يعجز الإنسان عن رسم مثيلها.
القصبة أو القصيبة
ويشدك حي الأندلس بتخطيطه ومعماره المميزين وحي القصبة الحفصية فالتركية بمكوناتها الإدارية والعسكرية.
فحي القصيبة (تصغير قصبة) فيعد أهم معالم التاريخية للمدينة، حصن ضخم يمتاز بأبراجه الثمانية العالية، محصن بين البحر والقنال والمرسى القديم وهو يعود إلى العهد الأغلبي وكان به برج مراقبة فيه معلم فيه زاوية سيدي السخي والجامع العتيق. ويعد اليوم رمزا لمدينة بنزرت.
أوتيك
أما المدينة الأثرية أوتيك أو ( عتيقة ) في الشمال الشرقي لتونس غير بعيدة عن مدينة بنزرت وهي من أقدم موانئ الشمال التونسي ويعتقد أنها أقدم المعالم الفينيقية في كامل شمال أفريقيا حيث يعزى تأسيسها إلى الفينيقين وذلك سنة 1101ق.م أي قبل تأسيس قرطاج ب 287 سنة. وتدعوك أوتيك لزيارة متحفها الأثري الشهير الذي يضم مجموعة جميلة من الألوان والتماثيل ولوحات الفسيفساء البونيقية والرومانية.
الحديقة الوطنية بإشكل
إذا ما رغبت في جولة ممتعة تعانق خلالها الطبيعة الغناء فأنت مدعو لزيارة محمية إشكل البعيدة عن مدينة بنزرت مسافة بضعة كيلومترات في شبه جزيرة محاذية لجبال الشمال التونسي. وهي تعد إحدى أجمل المعالم الطبيعية الفريدة في الوطن العربي والشمال الافريقي ممتدة على مساحة 13 ألف هكتار.
ومنذ سنة 1980م أصبحت المحمية مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي الطبيعي لمنظمة اليونيسكو.