أَعْدَدْتُ لِلْمُنَافِقِينَ شِعْرًا أَطْوَلِ
بُنْيَانُهُ مِنَ الحَضِيضِ الأَسْفَلِ
فَأبْلَغْتُ كَبِيرهُم فِي الشَّطْرِ الأَوَّلِ
كَلاَمًا مُرًّا طَعْمُهُ مِنْ حُرُوفِ الحَنْظَلِ
وَهَجَوْتُهُمُ هِجَاءَ المُعَاتِبِ المُتَغَلْغِلِ
بِأَبْيَاتٍ مِنَ الشِّعْرِ الفَصِيحِ المُزَلْزِلِ
حَتَّى تَسَاقَطَتِ القَوَافِي عَلَى الرُّؤُوسِ الأَسَافِلِ
كَأَنَّهَا تَزِنُ جِبَالاً لِصِدْقِ الخِطَابِ المُجَلْجَلِ
أَلاَ أَيُّهَا المُنَافِقُونَ ذَوِي السُّلُوكِ المُتَحَلْحِلِ
أَتَحْسَبُونَنِي مِنَ المُغَادِرِينَ لِلْحَدِيثِ المُؤَجَّلِ
أَمْ أُعْمِيَّتْ بَصَائِركُمُ وَلِلْعَالَمِينَ تَكَشَّفَتْ الأَعْطَالِ
وَبَانَتْ عُيُوبكُمُ سَاطِعَة فِي ظُلْمَة الأَوْحَالِ
فَقُبْحًا لَكُم بَنُو نُفَيْقٍ لِشُرُورِكُمُ وَأَفْعَالِكُمُ الأَغْيَالِ
أَشْعَلْتُمُ الحُرُوبَ وَمَا قَتَلْتُمُ غَيْرَ الصِّبْيَانِ العُزَّلِ
فَلَنْ تَعْيَا مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَانِ مِنْ أَخْدِ أَرْوَاحِ الأَنْذَالِ
حَتَّى وَإِنْ طَالَ بِكُمُ العُمْرُ وَتَكَاثَرْتُمُ بِالأَنْسَالِ
حَتَّى وَإِنْ أَصْبَحْتُم تَأْتَمِرُونَ بِأَمْرِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ
أَوَ أَمْسَيْتُم أَعْدَاءًا تَتَخَنْدَقُونَ خَنْدَق الإِفْشَالِ
تَتَوَارَثُونَ الشِّقَاق بَيْنَكُم وَبَيْنَ ذَوِيكُمُ الأَرْفَالِ
وَتُحِبُّونَ الفَسَادَ وَتَلْهَثُونَ وَرَاءََ الصُّمْعَة وَالأَمْوَالِ
فَغَزَى العُقُولَ جَهْلٌ أَسْوَدٌ مِنَ التِّلاَلِ الأَعَالِ
تَحْكُمُكُمُ أَعْرَافٌ وَبِدَعٌ وَقَوَانِينُ الأَذْغاَلِ
وَصَارَتْ أَلْسِنَتكُمُ سُيُوفٌ كَثِيرَةُ التِّجْوَالِ
تَحْتَرِفُ القَنْصَ تَمْتَهِنُ تِجَارَةَ الإِغْتِيَّالِ
لاَ تَسْتَطِيعُ الإِسْتِقْرَارِ تَهْوَى وَتُحِبُّ التِّرْحَالِ
لَهَا فِي الإِغْتِيَّابِ لَوْعَةٌ وَفَنٌّ عَرِيقٌ مِنَ الإِرْتِجَالِ
وَبَاعٌ طَوِيلٌ مِنْ زَلاَّتِ الِّلسَانِ وَالإِبْتِذَالِ
تَسْتُرُونَ بِهَا خُبْتَ حَدِيثكُمُ كَذَيْلِ البِغَالِ
فِي أَعْرَاضِ الخَلْقِ الكِرَامِ الأَشَاوِسِ الأَبْطَالِ
تُفَّصِّلُون وَتَخِيطُونَ دُونَ رَحْمَةٍ الجَدِيدَ وَالبَالِي
لُحُومَ إِخْوَانكُمُ بِخُيُوطٍ مِنَ القِيلِ وَالقَالِ
تَلُوكُونَ بِهَا أَلْسِنَتكُم وَتَدَّعُونَ التَّكَافُلَ وَالكَمَالِ
تُقَدِّمُونَهَا قُرْبانًا وَعَرْبُونًا لِإِسْتِكْمَالِ الإِسْتِحْلاَلِ
لِتَسْلِبُونَ الْحَياةِ مِنْ قُلُوبٍ مُعَلَّقَةٌ بِرَبِّ الأَوْعَالِ
فَأَخْرَسَ الَّلهُ أَبْوَاقَكَم حَتَّى تَشَتَّتُّم كَالبَعِيرِ الجِفَالِ
وَأُلْبِسْتُمْ عَنْ جَهَالَةٍ وَفِي كُلِّ حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ
لِبَاسَ الذُّلِّ والعَارِ بِشَتَّى المَحَافِلِ كَالأَرْجَالِ
عَلىَ مَسْمَعِ وَمَرْأَى مِنَ النِّسَاءِ وَالشُّيُوخِ وَالأَطْفَالِ
أَفَلاَ تُقِيمُون لِدِينِ الَّلهِ مَقَامًا يَلِقُ بِهِ ذُوالجَلاَلِ
وَلاَ لِلْمَكَارِمِ وَزْنًا لاَ فِي الجَنَائِزِ وَلاَ فِي الإِحْتِفَالِ
وَتَسْكَرُونَ وَتَلْهُونَ فَجْرًا فِي كَأْسِ العَبِيطِ المُثَمَّلِ
عَلَى أَوْجَاعِ العِباَدِ وَتَنَامُون بَعْدَهُ مُرْتَاحُونَ البَالِ
فَلاَ يَغُرَّنَّكُمُ بَيَاضُ بَشْرَتِكُمُ فَقُلُوبُكُمُ سُودُ البِعَالِ
تَخْتَبِؤُونَ تَحْتَ فِكْرِ أَسْيَادِكُمُ وَدُمُوعِ الأَبْصَالِ
مُخَطَّطَاتُكُمُ خَرَابٌ مُحَقَّقٌ كَإِسْتِفْحَالِ الأَعْطَالِ
وَصَيْحَاتُكُمُ نَذِيرُ شُؤْمٍ ظَاهِرَة مِنْ هَوْلِهَا الأَهْوَالِ
مُسْتَعِدُّونََ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمُ وَأْدَ الإِسْتِبْسَالِ
وَالتَّحاَلُفَ مَعَ الشَّيْطَانِ وَمَصِّ دَمِ الغَزَالِ
تَحْتَ أَيِّ دَرِيعَةٍ تُنَافِقُونَ وَتَتَمَلَّقُونَ كَالأَوْجَالِ
حَتَّى غَدَا هَذَا الزَّمَانِ إِمْتِحَانٌ عَسِيرُ الإِسْتِكْماَلِ
كَسِجْنٍ كَبِيرٍ سَتَبْنِي جُدْرَانَهُ أَنَامِلُ الأَجْيَالِ
أَمِنْ رَبِّ العَالَمِينَ إِبْتُلِينَا بِهِ وَبِدُعَاةِ الإِشْكَالِ
سَجِّلْ أَيُّهَا التَّارِيخُ تَشَرْدُمَِ الأُمَّةِ وَالأُسُودِ الأَشْبَالِ
مَلَكَتِ الكُنُوزَ وَعَلَّمَتْ الأُمَمَ وَأَحْيَتْ بُذُورَ الأَمَالِ
فَتَنَاقَضَتْ أَحْوَالهُمُ وَضَاعُوا بِالطُّغْيَانِ وَالإِعْتِلاَلِ
وَمَاتَتْ ضَمَائِرهُمُ فَضَيَّعُوا الحَقَّ بِكَثْرَةِ الجِدَالِ
وَأَصْبَحَ القَّوَّالُ الصَّادِقُ مُكَبَّلاً لِسَانهُ بِالأَكْبَالِ
وَأَمْسَى المُؤْمِنُ الأَمِينُ مُقَيَّدًا بِالأَغْلاَلِ
أعَانِقُ حَرْفًا يَسْرِي فِي كُلِّّ مَصْلٍ مِنَ الأَمْصَالِ
وَأَنْثُرُ حِبْرًا أَحْمَرًا كَلَوْنِ الدَّمِ عَلَى طُولِ الأَمْيَالِ
عَلَى خُطَى مَنْ تَغَوَّلُوا وَتَوَسَّلُوا رَبَّ الأَغْوَالِ
فَأَعُوذُ بِالله مِنَ الظُّلْمِ وَالغُبْنِ وَمِنْ قَهْرِ الرِّجَالِ