حضورك الذي صحبه أفول

تولين دبرك نحو الفراق تاركة ذكرياتنا ووعودنا في مهب الإهمال والنسيان، متنكرة لكل اللحظات والسنين التي جمعتنا غير مكترثة لما أشعر به الآن، ولا بهذه الهشاشة القاتلة التي تعتريني..

ضائع لا أجد لي حضنا يحتويني ولا يدا تخفف وطأة ما يتراكم داخلي، وكأننا معا لم نتخذ من الحب فلسفة تحصننا من كل أوجاعنا وآلامنا ولم نخلق منه مهد عمر جديد يجعل الحياة أقل تعقيدا وأكثر قبولا وننسج من أمانينا ووعودنا أمانا مؤقا.

وكأن عينيك لم يمداني بنور الحب من قبل ولم َيزرَْعَا داخلي إيمانا بك لا يَنْقُضُهُ شيء..

ها أنا اليوم؛ بعد زمن طويل من الانبهار بك وتقديسك، يكتنفني الندم ويَعْبَثُ بي الحزن ليراقصني التحسر على موسيقى الوجع موضحا لي سخافة كل الأشياء التي جمعتني بك وزيفك المتخفي وراء عيونك الحيرى..

ها أنا اليوم أشعر بالتفاهة والتقلص لأتعرف عليك شكلا باهتا لا يحمل لونا ولا يحتوي معنى، بل فراغا يرسم على جدار العدم ويزرع البؤس في كل الأشياء التي يمر بها..

كنت في تلك الليلة كنبي يخبئ أوجاعه بسر بين ما أتلاشى من الداخل، لقد كانت عوالمي في انهيار واندثار كأنها لحظة الرحيل الأخيرة أو نهاية بلا معنى، يحتضنني الشك ويبعثرني الحنين وتحتلني الخسارات لقد كنت غاضبا وساخطا وأتوجع وأصرخ بكل ما أوتيت من رفض ويأس..

الآن أرى كل شيء جمعني بك وهما لا يتجاوز الخيال، خيال كاذب خداع يقتات على الكذب ويجعل منه معنى صادقا يواجه الحقيقة بوجه واثق بوجوده فارضا كينونته متخفيا وراء زيفه البراق، وكأنه وجود صادق..

لكم هي غريبة هذه الحياة تمد الأشياء بالمعاني والعظمة ثم تسترد كل شيء لحظة انطفاء، عبثا أحاول جمع ما تبقى مني وترميم الخدوش التي أحدثت داخلي لكنني متعب ومرهق بسبب خيباتي فيك ..

متعب بسبب كل وعد قطعته لي وبسبب كل أمنية لي كنت شرط وجودها..

متعب بسبب كل تصوراتي وخيالاتي وبسبب إيماني بك..

لقد كنتِ أنثى تختزل لي الحياة بما فيها، ثم عبثت بي وغادرتني محدثة فوضى داخلي لكم هو محزن فقدان من يعني لنا الحياة واستيعاب أن العواطف ما هي إلا قرابين يقدمها لنا من حب حتى يتسنى له أخذ ما يريد منا ثم نتحول لديه إلى شيء مستهلك قابل للترك في أي وقت.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version