كان وجودك فارق على الدوام، حتى ولو لم أخبرك بذلك كثيرا فأنا كما عرفتني دوما قليل الكلام لم أطمئن له يومًا، فـدائما ما تخذلني الكلمات، مرات أريد أن أُحدث أحدهم بكم أحبه ثم أجدني أبتسم بصمت، ومرات أريد أن يعلو صوتي وأزعج أحدهم بكلماتي ثم أجدني أبكي دون بَتَّ كلمة.
لذلك لم أثق بالكلمات يومًا، دائما ما تفر مني وتلوذ بحنجرتي وتترك غُصَّة ما هناك، لكني كنت دوما واثقة بصدق مشاعري اتجاهك وبصدق العلاقة التي ربطت بيننا وأن المشاعر الصادقة لا تحتاج الكثير من الكلمات للتعبير عنها، بل أن تلك المشاعر المزيفة هي من تحتاج الكثير والكثير من الكلمات للتعبير عنها ﻹقناعك بها وربما ﻹقناع أنفسهم بها.
وأنا تركت لك الكلام على عيوني لكن، أظنك ما فهمت. محمود درويش
لمْ أَكُن يومًا جافة المشاعر لكنني أيضا لست بفائضة المشاعر لست ممن يُغدق مشاعره على من حوله هكذا دون مناسبة.. أعلم جيدا أنني لست بحاجة لمناسبة كي أخبرك بأني أحبك وأشتاقكِ جدا، لكني لم أستطع المصارحة بمشاعري هكذا، لمْ أعتد الأمر.
ربما كان عليكِ أن تعي طباعي بعد كل تلك السنوات التي جمعت بيننا، ربما لم يكن عليكِ وضعي بمقارنة مع أحد، وربما كان يجب أن تكُفي عن انتظار أشياء ما كان علي فعلها وأن تضعي الأشياء بمكانها الصحيح ربما كل ما كان عليكِ فعله هو تقبلي كما أنا ..
بمرور الأيام وجدت المسافات سبيلها بيننا حتى أصبحنا لا نعلم عن بعض شيئًا، حتى وﺇن تحدثنا بقي في صدورنا الكثير، أعي نظراتك جيدا تلك النظرة الحائرة.. ماذا حل بنا؟! ومتى أفضنا ﺇلى هذا الطريق؟!
لا يمكنني تحميلك وحدك عناء ما وصلنا له فأنا وأنتِ قد غفلنا عن بعضنا حِينٌا مِنَ الدَّهْرِ وحين يقظنا من تلك الغفلة وجدنا كل منا يقف في طريق بعيدا عن الآخر وهناك سدا ما يحول بيننا وربما فجوة اتسعت مع الوقت..
أردتُ صدقا لو أخبرتك أنه لا بأس بما حدث وأننا يمكننا تجاوز كل هذا وأنه بوسعنا أن نجعل من السد جسرا نعبره سوياً، لكنني لا أعلم ﺇن كان هناك متسع من الوقت لكل ذلك ولا أعلم أيضا ﺇن كنتِ ترغبين في ذلك، الشيء الوحيد الذي أعلمه علم اليقين أنه دائما سيبقى مكانكِ مُزهِرا بقلبي..