الأغنياء الجُدد، أو حديثي النِعمة..
طُفيلياتٌ جَديدةٌ ظَهرت على جِلد جاليتَنا في دولِ المَهجر..!!
إلّا من رحِمَ ربّي..
كَثيرةٌ هي الأسئِلةُ الّتي تَدُورُ حُولَهم، والّتي تُلامِسُ حِرمانيةَ أموالِهم، والّتي فَتَحت عُيونَ من فَتحوا أياديهم لَنا، على خَلفيّة تَصرُّفَاتهُم، سُلوكيّاتهُم، وعجرفَتِهمْ.
بَدأت الحربُ مُنذُ سبعِ سَنَوات، وكلُّ شَخصٍ فينا أجازَ لِنفسهِ أسباب الهُروب.
بِغَضِّ النَظرَ عن وضعِهِ الحَقيقي، هَرَبنا بّراً وبَحراً وجوّاً، نَحوَ أيّ قِطعَةِ تُرابٍ لا نشتمُّ بِها رائِحةَ الموتْ.
أرضٌ لا يكونُ فيها سَيّاراتٌ مُفَخخةً، ولا فيها أصواتُ انفجارات..
كَثيرةٌ هي ألقابنا.. لاجِئ، مُهاجر، هارِب، أو مُسَافِر..
بعضُنا لم يُفرِّط بِعادتهِ وقيمِهِ الّتي تربّى عَليها.. رجالاً كانوا في جَميع المِحن.. مِهَنيّن كانوا أو تُجّار، أثبتوا أنّ تربيةَ الوطنِ لا تُخان، أثبتوا أنّها عَقيدةٌ مغروسةٌ داخِلَ أدمِغَتهم، أن الكَرامةَ جَواز سفَرِهِم وهَويتِهم.. والشَهامةُ انتماؤهم.
وبَعضُنا لم يَستطع أن يَستوعِبَ العَيشَ خارِجَ نِطاقِ الوَطنْ.. سوريينَ إِلى أبعدِ الحُدود.. الكُرة الأرضيّةَ كَامِلةً داخِلَ خَريطةَ الوطنِ بِنَظرِهمْ.. والجحيمُ لَديهم يَبدأُ بعدَ أوّلِ شُبّاكٍ حُدوديْ.. يَنتظرُ أوّلَ رايةٍ بيّضاءَ تُرفعُ فوقَ سقفِ الوطنَ ليَعود، حتّى وَلو لم يَبقَ مِن مَنزِلهِ سِوى كومةِ أحجار.
وبعضُنا تحوّلَ لِجزّارٍ قَطَعَ كُلَّ يَدٍ أعانتهُ حتّى نَهض.. وهذِه هيَ الطُفيلياتُ الّتي عٌنها أُحَدِثُكم..
كانوا في الوطنَ غُبارٌ مَنسيٌّ لا حَولَ لهُم ولا قوّة، مٌجردَ أسماءٍ في سجِلّاتِ المَواليدَ والأموات..
أوّلُ درَجةٍ داسوا فَوقَها أبناءُ بَلَدِهم، واستَعملوا كُلَّ أنواعِ الكذِبَ ليرتقوا وأوَّلَها لهجَةُ بابِ الحَارةَ وتربيةَ الشارِبَ ونَفخِ العَضل.
والأمرُ الثّاني والأخطرُ هو عَباءةُ الدّين والمسبحةُ الألفيّة، والوقوفُ في الصٌفوفٍ الأولى بِالمَساجد..
يظُنُّ كُلَ شَخصٍ مِنهُم أنّهُ عرّاب السوريينَ هُنا،، ومُختارَهُم وقاضي القُضَاة بِأمِرهم. ويحشُدُ جَيشاً مِن المسَاكينَ حولهُ، يُعطيهم بيَد ويقطعُ لحمهُم بِأُخرىْ.
أصبحَ مُعظمهم مِن أصحابِ الطاولاتِ الأولى في الكَباريهات والملاهي الليلية.. يَركبونَ أحدثَ السيّارات، يَسكُنونَ أفخمَ القُصور، يُكدِّسونَ أموالَهمْ تَحتَ أفرِشَتهم.
كثُرت بِالفَترةِ الأخيرة بعضُ قِصَصِ الانتقامِ والحَسد، وتراشُقَ الإهاناتِ والشَتائِمَ والتُهم، والسرِقَة والاحتيال والزَندقةِ والعربَدة. وكُلّ شهرٍ تَقريباً نسمعُ بِحريقٍ أو سَطوٍ عَلى مَحلاتِهم ومنازلِهم.
لا أدري حَقيقةً ما هي أسبابُ تِلكَ الضَرباتِ المُتَعَددة، رُبَّما عِقابٌ إلهيٌ على تِلك الأموالِ المَجهولةَ المصدرْ،
أو انتِقامٌ مِن آخرَ ظنّ بِأنه من يسرقَ زبائنُه..
المُشكِلةُ العُظمةُ أننا نعرِفُ تماماً، أننا نَغرقُ بِمُستَنقعِ أفعالِهم وأطماعِهم.. ولكِننا أمامَ أبناءِ البلدِ المُضيف، كُلُنا سوريين، كُلُّنا مُعتز وعِصام..