عندما يكون صديقك كاتبا

المعرض الدولي للكتاب بالجزائر يعد حدثا مهما لنا نحن من نهتم بالثقافة والكتب، فهو حدث ثقافي وفكري يمنحنا فرصة الالتقاء بكتاب وشراء ما يخطر على بالك من كتب باختلاف أصنافها ومضمونها.

لكن هذه السنة مع اقتراب افتتاح المعرض الموافق لـ26 من نوفمبر فإن مواقع التواصل الاجتماعي كخلية نحل تعج بعدد هائل من المنشورات والتغريدات عن هذا الحدث لكن هذه المرة ليس على الحدث بحد ذاته بل أبطال هذا الموسم من المعرض الدولي للكتاب..

فهي سنة الأدب والفكر الشبابي بالدرجة الأولى، فمع بداية الإعلان عن إصدارات الكتب لوحظ أن الأغلبية الساحقة من الكتب والروايات من كتابة شباب لايزالون طلبة جامعيين.

هناك من هو متحمس لهذه التجربة الرائعة لقراءة أعمال من جيلنا والاطلاع على أفكار ومشاكل هذا العصر بمنظور شبابي كما هو الحال بالنسبة لي. ولكن هناك من يرى أن هذا تمرد على الأدب والفكر وأنهم مهرطقون يعثون فسادا في مملكة الأدب التي بنوها من سنين سلاطين احتكار الأدب والفكر، معتقدين أن الساحة الأدبية ملك لهم. وأيضا هناك من ينتقد هذه الأعمال الشبابية رغم أنهم لا يستطيعون حتى تركيب جملة مفيدة.

عن نفسي أنا جد فخور بكل هؤلاء الشباب المبدعين وأثني على غوصهم في هذا العالم في سن مبكرة رغم كل الصعوبات والعوائق التي تعترض طريقهم، أما فخري الأكبر أن أصدقائي المقربين هم أيضا من الكتاب الذين سيكونون حاضرين بكل قوة..

صديقي لطفي ربزاني حاضر بكتابين “إنسان نووي” و “قبلات ارتدادية”، الأول في قالب شعري حر متمرد يعبر فيه عن نفسه كإنسان من كل هذا الكون، يطرح أفكار جديدة بأسلوب مبسط لكنه مخادع بمفاهيم وأفكار عميقة. أما “قبلات ارتدادية” فهي نصوص سريالية خاضعة للمنطق الرياضي تتطلب مستوى عالي من التحليل والتركيز ليس من نوع النصوص السطحية المطلية ببعض الألفاظ العتيقة المملة الغير مفهومة والمتكلفة.

أما صديقي أنور رحماني، الكاتب والمدون والناشط الحقوقي الجزائري الذي إن شرعت في ألقابه لن أكمل الحديث فأجمعها كلها في لقب المتمرد، الذي سيكون حاضرًا برواية “ما يخفيه الله عنا”، والتي يتحدث فيها عن العديد من القضايا السياسية والأفكار المشوقة في قالب خيالي مع قوم هم عبدة التماسيح، وهي رواية صادرة عن دار نشر الأطلس المصرية، أما إصداره في الجزائر فهي رواية “هلوسة جبريل”، والتي أحدثت ضجة كبيرة سواء في الساحة الإعلامية أو حتى الفكرية فهو معروف بأفكاره وأسلوبه المتمرد المبتكر الكاسر لهذه الطابوهات والحدود.

وكتاب “شياطين بانكوك” للصديق عبد الرزاق طواهرية، حيث أحدثت روايته صخبا وجدلا على مواقع التواصل الاجتماعي حتى قبل صدور الكتاب حيث استطاع أن يجعل العالم الرقمي والتكنولوجيا والديب ويب موضوع كتابه بأسلوب أدبي راقي فمقاطع من كتابه لاقت استحسان العديد من القراء رغم غلافه الأحمر القان الذي تم تأويل معانيه.

تخيلوا أن هذه الكتب عينات من مجموعة كبيرة من إصدارات العديد من الشباب الجزائريين لم يكف إبداعهم وفكرهم فقط بل هناك دار نشر احتضنتهم وآمنت بموهبتهم لتنشر كتابتهم وتجعلها تحلق في أرجاء الجزائر.

أما الذين يتهمون دور نشر كهذه بأنها تروج للرداءة والتفاهة، أو يتهمون أصحاب الأعمال بالسذاجة فبأي منطق ومنطلق تهاجمون كتابات وأعمال قبل أن تقرؤها، وإلى متى سيبقى الفكر والأدب حكرا على كهول يتحدثون عن ذكرياتهم المملة. نعم نحن شباب بطاقاتنا ومواهبنا وإبداعنا لنا الحق في ريادة مجال الأدب لسنا مجرد جيل مواقع التواصل الاجتماعي، بل نحن جيل تجديد وفكر وإبداع.

كاتب التدوينة: أسامة براح

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version