عُلاَ الفَارِس: عَرَبِيَةٌ بِقَالَبِ ديَانَـا

لا أريد التعريف بهذه الصحفية العربية الكبيرة قيمة والصغيرة سنا، لقد عرفتُها عبر الشاشة الصغيرة، فهي تجذب انتباهك بروحها المرحة، وابتسامتها الرقيقة، ولغتها اللطيفة، ووجهها البريء، وإن ما تطلعت على إحدى حساباتها الإلكترونية وقرأت كلماتها المنثورة بشكل جامح، ستدرك قيمة هذه الفتاة الفكرية الراقية، وإن ما صادفت إحدى مقالاتها فإنك ستقف أمام الآلهة ديانا، لكن بلسان عربيّ مبين.

  1. عُلاَ أمام الفرصة

إن ما سألتموني عن نجاح علا؟ بإمكاني القول: لقد نجحت نجاحا مبهرا، وهذه حسنة تحسب لها وثمرة اجتهادها عبر وقت طويل، وهذا من حسناتها، لكن دعونا نحاول الغوص في ترانيم هذا النجاح الملفت بالفعل.

إن ما القينا نظرة سريعة على العالم العربي، فسنجد بأن الكثيرات من علا موجودين على امتداده، هناك من ترغب في أن تصبح مذيعة مشهورة، وهناك من ترغب في أن تكون سيدة أعمال ناجحة، وهناك من تحلم بنجاح طبي أو هندسي هام، لكن الفرق بين كل هؤلاء النسوة أمر ذا رأسيْن:

لقد توفرت لعلا الفرصة، فهي من عائلة أردنية تملك من النسب والحسب القدر الكافي، والذي يضمن الانطلاقة نحو النجاح، بل إن العائلة هنا، تمثل مركز الأرضية القاعدية للفتاة، إذ لا يخفى عنا بأن المجتمعات العربية هي كتل بشرية ذكورية، وتبقى الفتاة على هامش الحركة المدنية إن لم نقل في مؤخرة كل حدث ثقافي أو اجتماعي في مجتمعات من هذا النوع، وكل فتاة لا تجد من يسندها من العائلة بالأساس، تتحطم أحلامها عند أول ارتطام بالواقع المجحف كالواقع العربي، لهذا فإن لعائلة الفارس الدور الهام في صناعة الدفعة الأولى لعُلاَ.

لم تتوقف عُلاَ عند “أمجاد” العائلة وما توفره من دعم، بل تجاوزته إلى القيام بعدة محاولات على طرقات مختلفة من دروب الحياة، وأهم ما ميزها في اعتقادي هو مجالها الدراسي، إذ لا يخفى عنا أيضا بأنها خريجة كلية الحقوق، وهذا في حد ذاته انجاز لا تصنعه العائلة ولا أي طرف غيرها، بل هو ثمرة جهد ذاتي خالص، هنا أظهرت هذه الفتاة قدرتها على التحكم في الوضعيات، ومدى امكانياتها التي تؤهلها لصعود سلالم الأيام باقتدار.

  1. من عُلا إلى ديانـا “إعلاميا”

شيئا فشيئا، اقتحمت هذه الفتاة المجال الإعلامي الهش في العالم العربي، وللأمانة، روحها اللطيفة وابتسامتها هما ما صنعا الفارق على مسارح الشاشات العربية، حتى أن اعدادها الدقيق لكل ما تقوم به بالإضافة إلى عفويتها وإظهارها لمشاعرها الإنسانية، ولّدت لها موقعا مهما في قلوب الجماهير، فالتقطها الجمهور العربي بحفاوة منقطعة النظير، وحتى أنوثتها لعبت دورا مهما، بل وحاسما في المجال العربي الواسع-الضيق.

  1. سهام ديانا العرب تصيب المكبوت العربي

تشير كافة التقارير النفسية المتخصصة في دراسة المزاج العام للشعوب، وخاصة قاطني الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أنّ الإنسان العربي هو كائن مهووس بغريزته لحد المجون، وهذا ما أكسب عُلاَ انتشارا أوسع بين الذكور العرب والمراهقين.

حضور عُلا اللافت على الشاشات العربية، ومرحها اللطيف، ولمساتها الأنثوية الناعمة، تغلغل إلى عمق الخاطر العربي المهتز بشراهة، إذ أن الكثير من العرب تابعوا عُلا ولا يزالون يتابعونها لا لسبب سوى إرضاء لمخيلاتهم الغارقة في التوهم، فالنموذج المتحرر الذي قدمته عٌلا للمرأة العربية وللفتاة الحالمة في الوقت ذاته، لم يقف عند الشاشة العربية فحسب في أزمنة التشدد والانغلاق، بل تعدى ذلك بكثير، لأن انطلاقتها تزامنت مع سفريات روح العربي نحو المجون الغربي إرضاء لمرضه النفسي، فإذا به يجد صورة عربية لما كان يعتقد بأنه حكر على مستخلصات النموذج الغربي الماجن.

  1. عٌلا بأجنحة الأميرات

لنكون منصفين، وبغض النظر عن ما يكبته الإنسان العربي، فإنّ علا الفارس، تبقى نموذجا جميلا لفتاة عملت بجد لتكسب مكانة محترمة بين أيقونات الإعلام العالمي، فهذه الفتاة تعدت الشاشة نحو أعمال إنسانية ملهمة، وبعرق جبينها كسبت مكانة مهمة بين صفحات التاريخ البشري.. تحية لعُلا.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version