فوزية التي يحبها الآباء

الكلام عن تربية الآباء للبنات كثير، وتعددت المصادر الأدبية والدينية في سرده. الكل يتحدث عن مدى الحنان والرقة، ويتغزل في علاقتهن الطيبة بآبائهن؛ لكن نادرًا ما يتحدث عن المفارقات الكوميدية إلا في الأعمال الفنية والمسرحية التي أمتعتنا بتلك النوادر المضحكة والتي منها مسرحية “سُك على بناتَك“..

المسرحية تدور بإطار كوميدي عن أب أرمل لثلاث بنات في مراحل عمرية مختلفة فدور الأب كان من حظ الفنان الراحل “فؤاد المهندس” وهو أيضًا المخرج المسرحي لها، ودور فوزية الابنة الكبرى وهي الراحلة “سناء يونس”، والابنة الوسطى نادية وهي الفنانة “إجلال ذكي”..

ومن المتعارف عليه أن فؤاد المهندس كان يلعب دور الأرمل الذي يريد تزويج بناته ويتفرغ للزواج من حبيبه “عصمت” والتي لعبت دورها الفنانة شويكار.

تدور الأحداث في إطار كوميدي، فمثلًا دخول فوزية وهي جاذبة لزوجها حنفي وهو الفنان الراحل “محمد أبو الحسن” لأنها وجدت معه صورة لأحد الممثلات المعروفة وتطلبه منه الطلاق بشكل كوميدي مع محاولات طريفة من الأب لتهدئة الوضع حتى ينتهي الأمر.

والابنة الوسطى التي تقتنع بوفاء حبيبها لزوجته وهو ما يجذبها في شخصيتها وإيمانه بقضية المرأة وتنصدم بتمسكه الشديد بزوجته الأولى وتطلب منه أن يرجع لتلميذه الدكتور سامح عبد الشكور الفنان الراحل “أحمد راتب” الذي يريد أن يجمتع مع دكتوره المشرف على رسالة الماجستير خاصته ويريد أن يقوم بخطبة أحد بناته.

أما عن “سوسو” الصغرى فكانت طالبة بالثانوية العامة ولها رفيقها “محسن” ابن الجيران الذي تعتبره بئر أسرارها وصديقها المخلص الذي يشاركها حلمها للسفر إلى أوروبا وفكرة زوجها من مدرس اللغة العربية الأستاذ فتوح كعقبة لتعطيل فكرة زواج أبيها.

الفكرة لا تنحصر في رقة البنات ودلالهن وفقط بل لكل منهن نغم خُصت به، واستطاع المؤلف “لينين الرملي” إبراز الجانب الفكاهي في تربية البنات وأبرزت كل فنانة منهم الشخصية كما يجب أن تكون.

وليس الأمر المقصود هو الحديث عن المسرحية وشخصياتها؛ لكن الأمر في لحظات الفكاهة التي تمر بين الوالد وابنته..

مثل أن تجلس تُدّرس لابنتك فتسألها بكلمة فتجيبك بقصيدة مرحة تجعل الضحكات تداعب سنك لتشعر أن تلك التي بالأمس طفل بالمهد يبكي يضج العالم بصراخه هي نفسها الوردة الصغيرة التي يضحك الكون بنداها المشاغب.

أن تكبر تلك الوردة الصغيرة ويبدأ البيت باستقبال الوافدين من العرسان، فتشعر أن العصفورة التي ربت في عناقك ستذهب لمملكتها، وتبدأ في زرع ما زرعته بالأمس فيها، لكن هي تقول لك هيهات ستظل يا سيدي الملك بين ضلوع صدري شئت أم أبيت، وكأن الذي سيتزوجها سيقوم بخطفها من عقر دارها.

إن الفتيات اللائي ينلن من الحظ صداقة مع آبائهن يفرض عليهن الأمر أن يكُن جريئات بطباع حياء الطفل على الرغم أن لها من الرجولة شيء، وأعني صفات التحمل والشجاعة تكن دائما في قلق كوميدي من تحمل المسؤوليات والرهبة من أن تكون الشخص الخطأ لتلك المهمة.

دائما تجد سرها لأبيها وكثرة الحديث له وعنه كأنها لا تعرف في الكون سواه، تكاد توصل لأمها شعورا أنها غريمتها التي تقاسمها في زوجها، ولربما يصل الوضع حد الصراخ أو تظنها خصمها ويتغلف هذا في إطار مواقف يمر بها كل أب بات هو الصديق القريب لبناته فلا الذي ترك لهم الحبل على القارب أو قام بعزلهن عن العالم الخارجي.

وهذا ما كان يهدف له المؤلف في نهاية المسرحية “سك على بناتك ولكن سيبلهم المفتاح”، ومن تحليلي لتلك الجملة؛ أن الأب شريك بناته بآرائه ولكن يضع لهم حرية الاختيار في الأمور جميعها.

لذا فإن صدقنا القول أول صديق يعلم ابنته حسن الصحبة هو الأب العاقل.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version