في الدفاع عن الكلمة لا حاملها

وأخيراً وبعد طول انتظار، تحرّكت مشكورة نقابة الصحفيين المصرية، لتقوم مشكورة بدورها الإعلامي التثقيفي التوعوي، الذي لطالما كنا وكان المجتمع ككلّ ينتظره منها.

فقد أعلنت النقابة المحترمة بحزم نادر، عن عزمها افتتاح مجمع نيقية العاشر بعد المئة، ولكن هذه المرّة لتُحارب الفكرة لا الجهل، وتقوم بمحي بعض النقط التي وُضعت في غفلة من الزمان على بعض الحروف، التي ما اعتادت تقييدها بنقط أو حتى حركات.

وأخيراً، قامت منظمة صحفية مُعتبرة، بحملة منظمة لتقييد الحرية الفكرية التي تسللت بغفلة منها، وصدف أن واجهت من تجرأ على النطق بها.

أعلنت المنظمة المحترمة تاريخ 10 يناير الجاري لتُحاكم يوسف زيدان، ذلك المفكر الذي ما فتئ يقوم بدوره بتحريك الفكر الراكد على أكمل وجه، هنا وجدت النقابة أمامها المسؤولية التاريخية التي تفرض عليها خوفاً على المجتمع من الفكرة والفكر وحامله، وخشية على المواطن من أن يُسلب حقه بالتنعم بالسُبات الحضاري، الذي أقسم الكلّ على حمايته وتوفيره للشعب المسكين والذي يستحق ذلك، ورغبة منها بإغلاق الطريق أمام كلّ من تسوّل له نفسه أن يُفكّر، فقد أعلنت مشكورة عن تحركها، مدعومة بأساتذة معتبرين حفظوا التاريخ وحافظوا عليه، للوقوف معاً في المؤتمر المزمع ضد افتكاسات المفكر المذكور، ووضع حدود يُجرّم بعدها من يتخطاها.

كذا نحن وواقعنا الكاريكاتوري، منظمة المفروض منها أن تُدافع عن الكلمة وحاملها، وتُقدّس الفكرة وحاملها، نراها عوضاً عن حمل مشاعل التنوير، تسير بخطوات صماء بكماء لتُطفئ ما تيسر وأُشعل من قبسات قد تنير الطريق لأحد السالكين، ولكن هيهات..

يوسف محمد أحمد زيدان؛ أستاذ جامعي كاتب وفيلسوف مصري، ومتخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه، له عدة مؤلفات وأبحاث علمية في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي، وله إسهام أدبي في أعمال روائية منشورة، وله مقالات دورية وغير دورية في عدد من الصحف العربية. عمل مديراً لمركز المخطوطات بالإسكندرية في مكتبة الإسكندرية.

كذا نحن ومسيرنا المُنتظم للخلف، لا من أمة قد سبقتنا لهذا ولا حضارة سبق لها أن عاشت لتبلغ أرذل العمر لتعاود حبوها ولكن هذه المرة إلى الخلف.

نتمنى في (نيقيا العاشر بعد المائة) أن تُجهّز النقابة المحترمة لائحة مناقشة أو حقائق أو أفكار لتناقش بها يوسف زيدان، لا أن تعدّ لائحة اتّهام مذيلة بحيثيات الشتم والتنكيل التي اعتدنا سماعها بحق كل صاحب قلم حرّ.

لا يعتبرن أحداً أن هذا الكلام للدفاع عن يوسف زيدان أو غيره، فهو الأقدر على ذلك، ولكنا هنا نُدافع عن الكلمة والفكرة بغض النظر عن حاملها، مُحاربين محاكم التفتيش أيّ كان مصدرها أو طائفتها أو هدفها.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version