عندما طلب منها الزواج وهو لا يملك المال الكافي لزواجهما رفضت الزواج منه، لأن المال أقوى من حبهما وأقوى من الوعود التي قطعتها معه بحجة أنها لم تعد تحبه الآن.
ولأن أحلامها الكبيرة عن العرس الخيالي الذي لا يجب أن يقل عن زفاف سانديلا والمنزل الزجاجي والمهر الغالي وشهر العسل بروسيا.. وطموحها المادي الكبير سيعجز عن تحقيقه لها بعمله ذلك وراتبه القليل..
كانت صدمتها قوية حينما تلقت نتائج بعض الفحوصات الطبية، لتكتشف أنها مصابة بمرض يستدعي سنوات من العلاج. فما كان له إلا أن يتراجع عن كل شيء، يغادر حياتها وكأن لا شيء جمع بينهما..
قلبان جمعهما الكثير تآلفا، تواعدا، تزوجا، اختارا أسماء أبنائهما المستقبلين.. كانت حياتهما مثل الحلم، لتجد نفسها لا تستطيع أن تجلب له الطفل الذي اختاروا له قائمة من الأسماء. توقف الحلم، وقرر الفراق والابتعاد عنها باحثا عن من تنجب له..
لا تستطيع تحمل تصرفات أمه ولا ترغب البقاء مع أخته، تناقشا عن مكان السكن فعارضت العيش مع عائلته، انتهت القصة ومضى كل واحد منهما في طريقه..
وغيرها من المشاهد التي تتكرر باستمرار يتعذر فيها تمام الارتباط بمن أوهمونا على البقاء معا مدى الحياة، بمن تعاهدنا معهم على السير معا خطوة خطوة..
يأتي شيء بسيط يفرقهما مثل ما جاء شيء جمعهما من قبل، فيصيران غريبان عن بعضهما. تتباعد وتتفرع الطرق ليمضي كل منهما في طريقه.
أغلب العلاقات دائما لا تنتهي بالزواج إلا ما ندر.. قد يحب ويعشق ويتعلق القلب أحيانا كثيرة.. نعيش حياتنا ونعتقد أننا قد وجدنا حبنا الأبدي، وتأتي الأيام لتثبت لنا أننا كنا على خطأ، فنفارق من أحببنا وقد نكتشف أحيانا أن حبهم لنا كان مزيف، حب مبني على معايير.
كنت قد سمعت بقصة فتاة تقدم لخطبتها شاب وبعد أن رآها أعجب بشيء معين فيها.. المهم وافقت على الزواج.
بعد مرور أيام اقترب موعد العرس، وقبل عرسها بيوم اجتمعت مع صديقاتها في غرفتها، فأخذن يكثرن عليها الحديث حول حواجبها لأنها كانت عريضة تكاد تلتصق ببعضها، فاقترحن عليها أن ترتب حواجبها لكي تبدو جميلة ليلة زفافها، وافقت على ذلك، ولم يراها العريس إلا لحظة الزفاف اقترب منها وهو ينظر إليها بنظرات تعجب واستنكار ثم قال لها: أجمل ما فيك حواجبك، وأنا أخذتك لأجلهم لما نمصتيها!!
ربما الأقدار صدمتنا وهي أقوى منا في كل مرة، تجد نفسك قاسيت وتألمت لأنك كنت تريد شيء بشدة لم يكن لك، ولم يكن من نصيبك..، فربما الخير كان فيما لا يبدو لنا في الحاضر خيرا، قال تعالى: “فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً”، فهو تعالى أدرى بما يصلح خلقه، فأحسن الظن بالله عسى أن تجد السبيل نحو الحب الحقيقي، حب متبادل خال من الشروط والقواعد، حب لا يأبه بالعالم المادي حب لا يهتم بالمظهر الخارجي..
فلربما كان امتحانا لك من الله عز وجل في زوج(ة) أو خطيب(ة) سيئ(ة) يريد الله به اختبارك ومعرفة مدى صبرك وإيمانك به وقدرتك على تغيير حياتك إلى الأفضل.. ربما كان تقدمة لطريق آخر أو رفقة تالية يريد منك أن تقدرها حق قدرها كثيرة هي الحكم الخافية وراء كل شيء.. لذا عليك أن تتأكد بأن الله سيبدلك خيرا منه.
اختيار شريك الحياة لا يكون بناء على مدى غناه أو فقره فالأرزاق بيد الله وحده.. ولا يكون بناءا على مدى وسامته..
يكفي أن تكون معه أسباب الحياة البسيطة للعيش معا..
يكفي أن يكون الاحترام أساس علاقتكم..
يكفي أن يكون أب أو تكون أم صالحة لأبنائكم..
يكفي أن تجده سندا لك عند سقوطك وملجأ عند ضيقك..
يكفي اقترانكما على الحلو والمر، الصحة والمرض، الفقر والغنى.. إلى أن يغادر أحدكما الحياة..
يكفي أن يكون اختيار الشريك بناء على قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”، وما جاء في حديث “فاظفر بذات الدين تربت يداك”.
الزواج قدر من الأقدار المكتوبة، رزق يسوقه الله تعالى للعبد، حيث اقتضت حكمته وإرادته أن يجعل الأمور بمقاديرها، فما يحدث من إتمام الزواج وتيسره إنما هو بقدر الله تعالى، وما يحدث من عدم إتمامه وتأخره يقع بقدر الله أيضا، فالمعطي والمانع هو الله، قال تعالى: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا).
ويبقى الزواج علاقة طاهرة تقوم على المودة وتحمل المسؤولية. علاقة لا تحتاج لترتيبات ولا لشروط مسبقة كي تتم، هو جميل ببساطته وبقيمته المقدسة وبحسن اختيار الشريك الآخر.
نسأل الله أن يجمع كل المحبين أينما وجدوا وبين كل زوجين على الخير، وأن يبارك لهما في حياتهما وأن يسعدهما في الدنيا والآخرة، ويوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يجعل لكل إنسان في الحياة رفيقة درب تؤنسه ويؤنسها في السراء والضراء..
كاتبة التدوينة: زينب علي الوسطي