قصتي مع الكـتابة الصحفية، من البيرق إلى دومان

كانت بداياتي الأولى في الكتابة الصحفية أواخر التسعينات وأنا حينئذ أخطو خطواتي الأولى -الخجولة طبعا- في مجال التعليم. راودتني فكرة خلق مجلة مدرسية في الأسابيع الأولى من تواجدي بمقر عملي بالزاك -مسقط رأسي- فاقترحت الأمر دون تردد على أخي -ومعلمي الأول- الذي يكبرني بست سنوات وبدأنا نشتغل زادُنا الصبر وبعض الكتب والمجلات المعدودات.

شمرت عن ساعد الجد وبدأت أجمع المادة، من نصوص وصور أقتصها من مجلات أطفال مشهورة (كماجد والعربي الصغير).

قسمت مجلتي إلى أعمدة خمسة: افتتاحية، قصة قصيرة، ألعاب، ركن تعارف. كان من الطبيعي، بل من اللازم أن أحرر نصوصا بأسلوب بسيط يلائم القارئ الناشئ.

أسميت مولودي الأول البيرق. حظيَ المشروع باستحسان جمهور كبير من تلاميذ مدرستَي المدينة، لدرجة أني كنت أطلب من الجهة المكلفة بالطبع الزيادة في النسخ باستمرار.

في مرحلة موالية، كلفت، في وقت كنت رئيسا لمكتب الاتصال بنيابة أسا، بالإشراف على نشرة إخبارية باللغتين الفرنسية والعربية، واكبت خلالها -بنوع من الاحترافية- كل الأنشطة التي عرفتها مختلف المؤسسات التعليمية بداية الألفية الثالثة وحالفني الحظ في محاورة نواب سابقين، أساتذة وفاعلين، منهم صحفية بلجيكية قدِمت في إطار مشروع تبادل الزيارات بين مؤسسة من بلدها ومدرسة 19 ماي، لكن التجربة، على فرادتها وأهميتها القصوى، لم تعمر طويلا.

أذكر باعتزاز شديد أول مقال أنشره، يتعلق الأمر بنص صغير باللغة الفرنسية عن ظاهرة الغش في امتحانات الباكالوريا، كنت قد نشرته بجريدة البيان، لسان حال حزب التقدم والاشتراكية بتوصية من مدير مؤسسة كان عضوا فاعلا بهذا الحزب.

أثار المقال المذكور ضجة كبرى في الأوساط المحلية، فقد تم نسخه بالعشرات وتم توزيعه على نطاق واسع. لازلت أذكر موقفا طريفا من صديق لي كان قيما على مقهي له رواد كثر، إذْ قام بإلصاق المقال موضوع الجدل في قلب المقهى، بحيث يتصفحه الداخل والخارج، وكان يستقبل تعليقات الزوار بمرح كبير، في حين يستشيط هؤلاء غضبا. أما أنا فقد كنت أحتسي قهوتي وأنا أتابع حواراتهم تلك بابتسامة شريرة.

لعل أهم مرحلة مارست بها مهنة المتاعب بشكل محترف هي إبان تواجدي بالديار الإسبانية كعضو للبعثة الثقافية، حيث كنت محرر العمود الثقافي بالجريدة الإلكترونية للصحفي اللامع علي لمرابط، دومان أون لاين.

نشرت بجريدة صديقي علي، الذي أعتبره من أهم وأشجع الكتاب الصحفيين بالعالم العربي، زهاء ثلاثين نصا، قدمت للقارئ من خلالها كتابا مغاربة لهم وزنهم وحاورت بعضهم كالروائي موحى صواﯕ، الذي حصل مؤخرا على أكبر جائزة أدبية وهي جائزة الأطلس الكبير.

ابتدأت الحكاية بالبيرق وانتهت بدومان ولننتظر  ما يخبئه لنا القدر في القادم من الزمن.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version