كاميرون دياز تعلّم ابن رشد كيف يكون عاشقا..

عن محاربة الحب في المجتمع المغاربي

ترجّل واترك صهوتك، لقد وهنت، من أميركا، هناك ما يعلمنا الحب والمحبة، من تلك البلاد البعيدة عنا حضارة ومسافة ما يعلّمنا كيف نكون أناسا إنسانيين، فلا أزال أذكر مناظر الشباب في عمر الزهور وهم يعقدون لقاءاتهم الغرامية في قاعات السينما أو على أطراف حواف أزهار الساحات العامة، بينما يغرق عشاق بلداننا في لقاءات “مشبوهة” بين أمواج ساحات جامعاتنا الغرامية مطاردين، محاصرين وكأنهم مجرمون، جريمتهم التي أدينوا بها هي: الحب.

مات الحب في بلداننا المغاربية-العربية، دفنوه منذ زمن بعيد، وأغرقوه بالتهم وهو في قبره، فمتى نترك الحب يرتاح بسلام؟ متى نرى في الحب حياة يا أولي الألباب؟ أليس من حقنا كشباب أن نحب ونحيى؟ أليس من حقنا أن نعيش كسائر شباب الأرض الآخرين؟ لما كل أمم الدنيا تقدس الحب إلاّ نحن؟ فهل ماتت مشاعرنـا؟ أين شعر وشعراء المجون والجنون؟

حتى لا يفهم البعض بأنني ضد الأخلاق الحميدة فأنا والله ثلاثا مع كل خلق حميد، وأنا ضد كل الفواحش ما ظهر منها وما بطن، لكنني أرى بأنّ الحب أسمى شعور يمتلكه الإنسان، هو هزة أرضية تجتاح الطبقات الجيولوجية لكافة الأرواح البشرية، لذا أعذروني يا قومي العزيز.

الحياة تجعلنا محبين، عاشقين ومولعين إلى حدّ العربدة بنسائنـا، لا يمكن أن يستغني الرجل عن محبوبته كما لا يمكنه استغناء العربي عن شعر الغَــزَل، هي علاقة وطيدة بين الإنسان ونجواه، هي عبادة أزلية بين الروح وروحانيتها، هي قصة جميلة تتكرر منذ البدء إلى غاية لا نهائية اللانهاية، فلما نحب؟

تعلمنا على أراضي مغربنا الكبير بأن العالم ضد الحب (любовь)، وهذا غير صحيح، وعلمونا بأن الفتاة العاشقة عار وهذه الفكرة بمثابة جرثومة تقتل الداخل الإنساني بشكل عمدي مع السبق والترصد، علمونا كل هذا، وهم يدركون جيّدا بأن ما يعلموننا إياه هو ضد الحياة، ضد الطبيعة الإنسانية واستمرار الوجود الإنساني؛ إلى متى نعادي أنفسنا؟

ما أبهى صورة العاشقيْن يسيران وهما يتبادلان النظرات والابتسامات، وما أروع القبلات بينهم، أليس من هذه الأمور البسيطة يولد الوفاء والاحترام والصفاء؟ إنّ بيت شعر من زمن امرؤ القيس قد يلخص لنا مكانة العربيّ في ذاك الزمن، لأنّ التاريخ أثبت بأن الأقوام التي لا تحب هي أقوام عقيمة تقتات من البؤس أكثر من نهلها من العمق والإنسانية؟ فهل صرنا سطحيين إلى هذه الدرجة؟

أرى شبابا اليوم، أفواجا، أفواجا، يرتادون مواقع التواصل الاجتماعي طلبا للحب “الافتراضي”، وهذا إن ما دلّ على شيء فإنه يدلّ على فقر الشعور في أوساطهم الحيّة، فما أقسى أن نعيش في واقع المرأة (مصدر الحنان) فيه تصبح منبع للقسوة وكأنها مصنوعة من الصخر، وإنّ لمن الصخر لما يتفتت فيخرج منه الماء، فيصير أودية وأنهارا.

لقد قتلوا نخوة العربيّ العاشق فينا، خنقوا عنترة الذي كتب لعبلة كلمات من ياقوت الذي كان يسكننا، كما أنهم شنقوا قيس الذي أحرق ذراعه دون أن يشعر عندما رأى ليلى، فما لي أعيش بين أناس يحاربون الحب، ويهاجمون بكل ما بأيديهم من قوة ورباط الخيل على الحياة؟ لقتلها وقتلي وقتلنا معا؟؟

أن تكون عاشقا فذاك فخر لكل إنسان، ومهما كانت أماكن العشاق الغرامية غريبة فذاك من حقهم، لأن العاشق يملك العالم، وعالمه الوحيد هو محبوبته، فلا تلوموا الرجل المحبّ إن ما طلب لقاء التي تمدّ حياته بالحب والحنان بين جدران أقيمت للدراسة وطلب العلم، أو ما إذا زارها في مكان عملها طلبا لقُبْلَة (поцелуй) منها، هذا حقه المقدس الذي لا يمكنني أن أتصوّر أن أحدا سيتنازل عنه، أن يتنازل عن عشقه.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version