لا تتركوها في متناول الأطفال!

نسجتُ حروف هذه التدوينة وأنا قائمٌ أُصلّي لكنني والله ما كنت أُصلّي كما اعتدت أن أُصَلّي.. الطفل الذي كان يلعبُ ويلهو أمامي، تركه والده خلفه.. أجبرني على النفث ثلاثا عن شمالي والاستغفار حينا من غير أن أُبالي إن صَلُحت صلاتي أم أنها ستنهل من صكوك غفران هذا الطفل الذي رُفع القلم عنه إلى حين حتى لا تُرد!

ومع العلم أن أباه مجنون رُفع عنه القلم أيضا، قد يجزم البعض أن أغلب الأولياء الذين يُرفَقون بأبنائهم نحو المساجد هم ليسُوا علماء دين ولا فقهاء شريعة يريدون أن يصنعوا من غلمانهم القدوة والنخبة.. المُحزن كما قيل لي هو أن في الأمر مكرٌ وخديعةٌ أبطالها رباتُ بيوت لا يردن للّهو أن يلعب خلف جدران منازلهن ولا للسكينة أن تهدأ تحت قباب المساجد.

قد يقول قائل أن تعامل النبي صلى عليه الله وسلم يختلف اختلافا مُبينا عما نشاهده اليوم تحت قباب المساجد والجوامع وقد يذكر لنا البعض عشرات القصص والأحاديث المتوارثة من جيل لآخر في هذا الشأن، كلها تُوقّع بصمة رفق الرسول الكريم في معاملاته اليومية بالأطفال إلا واحدا.. وهنا أقصد حديثا واحدا قرأت عنه في كتب السيرة أنه من الأحاديث الضعيفة على قول الإشبيلي والحافظ والجوزي والمنذري والهيثمي وغيرهم، والحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم”.. صدق رسول الله سواء قال أم لم يقل!

لست عدائيا ولست منزوع الإنسانية جزئيا كما يعتقد الرافضون لطرحي.. لكنها ردّة فعل لأحداث كثيرة وتصرفات جمّة أرقبها كلما قررت أن أصلي في جماعة.. لهو ولعب جدال وصياح بل أحيانا تمتد نحو الشجارات بين الأطفال والولدان الذين يحتمون تحت قبة المسجد بغرض قراءة القرآن وتعلم أحكام التلاوة أو الصلاة حسب أبائهم، قد أكون متملقا لو عممت سلبية بعض التصرفات على كل حركات الولدان والأطفال خلف جدران المساجد، لأنه في الحقيقة هناك من يحترم نفسه ولا يترك لمرافقيه من صغار السنّ أيّة فرصة لخلق الفوضى أو إزعاج الذاكرين..

مربط فرس عنوان هذه التدوينة هو أن المسألة ليست في رفض تواجد الأطفال بالمساجد، إنما رفض التصرفات السلبية التي يقوم بها البعض قد تتغاضى عن كل شيء إلا الإزعاج!

إسماعيل صديق يألفُ المساجد تماما كما يألفُ أحَبَّ الأشياء إلى قلبه.. يحبّها كما لا يحب محاريبها أحد من أقراني.. سألته عن أطفال المساجد فقال: “المشكل هو أن الحريصين على مسارعة أبنائهم الخطى نحو المساجد لا يكلفون أنفسهم عناء الحديث إلى أبنائهم وقد اشتدت سواعدهم بل واعوجت بهم السبل نحو طرق الانحراف الذي جردهم الأخلاق المستقرة بأعماق قلوبهم الصافية سنّ البراءة”..

سأذكر لكم ذات جمعة أنْ صَحِبَ رجلٌ ابنته للمسجد والإمام فوق المنبر يخطب فينا، من الصدف أنها جلست بجنبي ولكم أن تتصوروا  فيضي وغيظي! أنا أكره أن أسجل حضور الفتيان هنا فكيف بالفتيات.. الصغار فكيف بالكبار، صواحباتها لولا الخذلان هن ربات بيوت دنيا لا بيوت عبادة جئناها نأمل تحت زرابيها تأشيرة الآخرة..

حتى لا أنسى وعلى ذكر بناء الأسر أصدقكم القول أن فكرة تغيير وجهة نظري يوما ما راودتني اللّحظة.. وطبعا أنا لا أنكر ولا أجزم أنني أملك الإصرار الكافي لأتحمل كل حماقاتي المدونة تحت سقف الحرية هذا لو أصير إلى ما صار إليه من عَنَتهم لعنة أحرفي وأصابتهم الكلمات.. لأجل ذلك اليوم أنا أخُطُّ اللّحظة لَوْمي فيما أرقب الصفح والعفو بأثر رجعي سيكون عنوانه أفسحوا لأطفالك في المساجد!

أمس نشرت صورة على فيسبوك وأخطرت متتبعي حسابي بعنوان التدوينة، قلت أنني عن الأطفال الذين غزوا المساجد وخرجوا عن سيطرة قيم وأخلاق روادها سأتحدث!! كتبت هذا تمهيدا ليس تشويقا لأنني لولاه لاعتقد البعض أن حديثي سيكون عن مخاطر الإنترنت أو الهواتف الذكية في عصر الغباء.. باختصار لأنها قد تكون أهمّ من كل هذا، مع ذلك أُجبرت على خطّ الكلمات تجاه فئة رسمت تصرفاتها إحداثيات صورة ذهنية تأبى أن تفارق.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version