متلازمة الخوف‎

خوف كبير في جسدي الصغير يهتك بي في أوصال الطريق ويقودني إلى حيث لا أدري، هاربة أنا من شبح الماضي الأليم، ماضي يحمل في طياته أسرار دفينة تؤرخ كل لحظة من لحظات الجحيم، هو جحيم كلما أتدكره تتغير فيه ملامح وجهي الباسم وتتحول إلى تكشيرة فظة قاسية تترجم مدى المعاناة والصراعات العسيرة التي كنت أتخبط فيها منذ الصغر.

لم أذكر يوما مسالما عشته بسلام أو يوما عشت فيه إحساس الطفولة كما ينبغي، أتذكرني وأنا فتاة صغيرة لم أكن على دراية تامة بما يحدت حولي، واجهت هموم قبل أوانها.. هموم جعلتني أنضج قبل الأوان..

هي صرخات يومية أسمعها بشكل معتاد ومتكرر، أعرف مصدرها لكن لا أفهم أسبابها، غالبا ما كان يتملكني خوف جامح مما يدور حولي، خوف شديد ومتواصل يجعلني متجمدة بلا تفكير، لا أستطيع فعل شيء!! ولا أعرف بمن أستنجد!!

كان يتملكني الرعب؛ رعب يجعل جسدي يرتجف وكلماتي تتبعثر من شدة الخوف، لا أقوى على الكلام، هكذا كان حالي كل يوم..

كنت أعاني في صمت رهيب، لا أنا قادرة على البوح ولا أنا قادرة على تغيير حالي للأفضل..

كبرت وكبر خوفي معي، خوف أعتبره السبب في ضعف شخصيتي وعدم تكوينها وكذا عدم قدرتي على مواجهة الحياة بتفاصيلها، خوفي من مواجهة نفسي أول شيء ومواجهة الآخرين، دائما إحساسي هذا كان يقف عقبة أمام عزيمتي، على غرار المعتاد كان حلمي أن أعيش في طمأنينة وسلام، حب ووئام، لم أكن يوما لأخمن أن حقا من حقوقي البسيطة والمشروعة سيصبح حلما لدي!! كنت أريد العيش فقط..

كنت أتذمر كلما فكرت أنني بخوفي هذا لن أخطو خطوة إلى الأمام.. بخوفي هذا لن أسمو أكثر.. لن أحقق ما أصبو إليه، أصبحت حياتي كلها عبارة عن قوقعة صغيرة مليئة بالخوف والقلق من الماضي والحاضر والمستقبل، خوف من كل ما هو آتٍ، من تفاصيل كل مجهول قادم..

حياتي أصبحت شبه روتينية بأحاسيسي هاته، أحاسيس سلبية قاتلة تعجز حروفي عن وصفها، أردت تغيير وضعيتي هاته وتغيير حالي إلى الأحسن..

بدأت أتساءل إلى متى سأبقى على هكذا حال!!؟ لابد أن أضع حدا لكل هذا العبث!! سأخمن وسأخمن وبعزيمتي سأتسلح وبقدرتي سأؤمن، سأساند نفسي وسأكون لها خير صديق، سأسديني نصائح وأهديني محفزات سأجعلها خير جزاء لي..

قراري هذا قرار صعب أكيد، لكنها المعادلة الوحيدة المتبقية أمامي لمحو ذكرياتي الأليمة وبيئتي الحزينة، عادلة سأراهن عليها بتفاؤل وتقة بأن القادم أحلى بكل تفاصيله، نحو غد أفضل بلمستي أكيد، لمسة فتاة ذاقت مرارة الشجارات العائلية.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version