من هو موحى صواك ؟ الأسبوع الذي عشقتُ فيه: آخر عمل روائي لـ موحى صواك

موحى صواك شاعر، قصاص وروائي، رأى النور في بوذنيب بالجنوب الشرقي للمغرب.

يعتبر واحدا من الأصوات التي طبعت الأدب المغربي الناطق بالفرنسية بطابع خاص. تُوجت روايته أيامنا الحلوة بجائزة الأطلس الكبير، التي أحدثتها السفارة الفرنسية في مطلع عام 1991، وترجمها للعربية فريد الزاهي.

الأسبوع الذي عشقت فيه هو آخر أعمال موحى صواك

 رواية الأسبوع الذي عشقت فيه هو آخر أعمال موحى صواك وقد صدر عن دار النشر سيروكو.

تضم هذه الرواية، التي تقع في 166 صفحة من القَطع المتوسط، ثمانية فصول، يمثل كل فصل من فصولها السبعة الأولى يوما من أيام الأسبوع، وجاء فصل ثامن هو آخر الفصول بعنوان أيام أخرى.

كأن الكاتب موحى صواك لم تكفِه أيام الأسبوع المقررة ليقول ما لديه، أو أنه يريد أن يجعل من آخر أيام الأسبوع مقدمة للآتي من الزمان، فيتوقف دوران الأسبوع الرتيب بأيامه المتشابهة، وتأخذ الحياة مسارا مخالفا.

هذا حلم والأحلام دوما مشروعة ومجانية، ولونها معروف لا يتبدل مع توالي الأيام والأسابيع والسنوات والقرون: اللون الوردي.

يصور الكاتب موحى صواك بصيغة المتكلم، الواقع اليومي المرير لطالب فقير، وذلك بأسلوب على قدر من التعقيد، على الأقل مقارنة بأعماله السابقة، خاصة مجموعاته القصصية، التي صيغت بلغة واضحة وبسيطة.

وهذا على عكس كثير من كتاب المغرب الناطقين بالفرنسية، خصوصا من جيل الستينات، الذين كتبوا أولَ الأمر بأسلوب صعب، مغرق في الصعوبة أحيانا، ثم ما لبثوا أنْ يسروا ما كان عسيرا فجاءت كتبهم الأخيرة في أسلوب سهل.

يعرف هذا مَن قرأ روايات محمد خير الدين الأولى كأكادير وحفار القبور (نُشرت الأولى في الستينات والثانية في السبعينات) ثم قرأ أسطورة وحياة اغونشيش (صدرت في الثمانينات) أو حكاية زوجين سعيدين (صدرت بعد وفاة صاحبها).

موحى صواك .. بين الحلم والواقع

يبدأ الراوي يومه الأول بتسلل جسم عار إلى غرفة نومه في عتمة ليل دامس، سيكتشف أن الأمر لا يعدو أن يكون حلما. هذا الحلم الغريب يلخص الحالة الاجتماعية والنفسية المضطربة للبطل: «لا عطر، لا رائحة، لا شعرة، لا شيء يدل على مرور امرأة من هذه الغرفة. »

الاسم الذي يحمله البطل-الراوي اسم غريب، ديدون بن كوا، وهو طالب بإحدى جامعات العاصمة الرباط، يضطر لممارسة مهن صغرى ليكسب قوت يومه:

«ركبت الحافلة رقم 007، التي كنا نسميها خط جيمس بوند، في اتجاه ثانوية ازدوز حيث أخصص ساعتَي دعم لبعض التلاميذ. كنت أمارس مجموعة من المهن خلال الليالي أو العطل المدرسية، إبان فترات الفقر المدقع، لكي أعيش.»

من بين المهن التي احترفها بن كوا تدريس لغة أطلق عليها الكاتب اسم الوريمي، وهي «لغة الحب في كل تجلياته، لغة الشعر والسحر.»

الوريمي لغة ميتة، وهي دلالة واضحة على أن الحب والشعر الساميين أصبحا أثرا بعد عين: «منذ اندثار الوريمي، بات الحب يقاس بالقراط، بقطعة الثوب أو بطراز السيارة أو السحر الأسود.»

ستعرف حياة بن كوا، التي كانت خَطية حد الملل، منعطفا مهما حينما يصادف فتاة اسمها ناتالي أو نايت علي.

إذْ قرر أنْ يتزوجها رغم تشبثه بالحرية وبعالم العزوبية، وتخوفه من شبح الخيانة النسائية، الذي ربما تسلل إلى مخيلة الكاتب موحى صواك من القرن التاسع عشر الفرنسي، من رواية السيدة بوفاري الشهيرة. 

نتالي أو نايت علي تحتفظ باسمها الفرنسي. كانت تدرس هناك قبل أنْ ينتبه أبوها إلى أنها أصبحت فتاة بالغة.

الواقع أن ظهور شخصية نسائية أخرى اسمها ريحانة – وهي على ما يبدو قادمة من عالم مواز لعالم الإنس، أي عالم الجن والأرواح – قد وقف سدا أمام تحقق مشروع الزواج. ريحانة. روح. ريح. راحة. 

مع مرور الصفحات، يجد القارئ نفسه في خضم عالم غامض، يتداخل فيه الواقع بالحلم، وتتعدد فيه الأمكنة، بدءا بالرباط، فتامكروت (أرض أجداد الراوي، التي تقع على بعد كيلومترات عن زاكورة)، وأخيرا لاس فيغاس.

ما يميز موحى صواك

ما يميز موحى صواك هو طَرقه لمواضيع حساسة بحِرفية عالية، وغوصُه في  تفاصيل حياة شخوصه، التي يستمدها  في الغالب من المحيط الذي طبع طفولته وشبابه.

وهذا ما جعل الناقد سليم جاي، الذي خصص قاموسا لكُتاب المغرب، يؤكد ما يلي:

«السمة الأساسية التي تُلفى في كل نصوص موحى صواك، وهي سمة نادرة، هي معرفته التامة بالأوساط التي يتحدث عنها، احترامه لشخوص حكايته، وإدراكه لثقل الاجتماع والتاريخ، الإكراهات الدائمة والآمال القائمة.»

من هو موحى صواك ؟

 ولد موحى صواك سنة 1949 ببلدة تاووس قرب بوذنيب، بالجنوب الشرقي للمغرب، تابع دراسته الثانوية بمؤسسة سجلماسة في قصر السوق، بالراشدية. درس القانون والأدب بالرباط وفاس، وقام بتصوير بعض الأفلام الوثائقية. سبق له أنْ نشر في عديد من الصحف، مثل مجلة أوربا، لام ألف، وكتابات الكيبك.

أصدر عددا من الروايات والمجموعات القصصية، وقد تُرجم بعضها للعربية والتركية.

مقطع من رواية الأسبوع الذي عشقتُ فيه

(ولا حاجة للقول بأنه يذكر بجورج أورويل و1984)

كنت قد تعلمت الوريمي بالغرفة الداخلية للمكتبة التي كان يمتلكها جدي بصحبة عجوز موسوعي، كان قد ترجم نصوصا من هذه اللغة القديمة لعلماء وباحثين أمريكيين وأوروبيين يرغبون في معرفة تاريخ الوريميين.

هذا العرق قد اختفى من الوجود بسبب تكلس لغته. ملوك القبائل الوريمية، زعماؤهم وخاصة رجال دينهم أرادوا لقرون الإبقاء على نقاء لغتهم وعرقهم، فعمدوا إلى معاقبة كل شخص يرتكب خطأ فيها، سيما من حاول  أنْ يُحدِث في كلام الأولين ما ليس منه.

لم يتوانوا عن قتل من تزوج من غرباء، لغتهم مخالفة للغتهم، لذلك طارت رؤوس من أعناقها وانتحر شباب بسبب الوجد وعدم القدرة على البوح.   

كانت هذه اللغة مقدسة، لدرجة أنه ما كان أحد يجرؤ على الحديث بها مخافةَ أنْ يخطئ، فيُحكم عليه بالإعدام….

معرفتي بالوريمي، لغة الشعر والسحر، منحتني شهرة بين فتيان وفتيات الثانوية التي كنتُ أدرس بها بمراكش. كنت أكتب تمائم لكل فتاة تبحث عن زوج، ولكل فتى يطمح أنْ يجتاز امتحانا.

Exit mobile version