من هو الله؟!
سؤال قد يحولك لكافر إن سألته في مجتمعنا هذا، في بلادي قد نتناقش عن أي شيء قد يخطر ببالك، إلا الدين فهو خط أحمر بل لغم لا يجب الدوس عليه، لقد مسنا التقدم إلى أبعد حد وأصبحت لدينا الحرية في كل شيء بما في ذلك حرية ممارسة الجنس الذي كان بالأمس منطقة محظورة فهو اليوم مباح..
لقد تم رفع الحظر وأصبح بالأمر العادي فالجنس بات اليوم ركنا مهما من أركان العلاقة وبدونه قد تنهدم مهما كانت باقي الأركان قوية، حتى أن البارحة كانت ممارسة الجنس قبل الزواج قد تؤدي إلى جريمة والآن هي مسألة جاري بها العمل.
لكن الأمر المحير كيف أن الشاب المغربي قد بلغ هذه الدرجة من الانفتاح ولا يزال يؤمن ويعتنق فكرة أن غشاء البكارة مهم لإتمام الزواج!؟ أهو انفصام في الشخصية أم أن الانفتاح اقتصر على ممارسة الجنس فقط!؟.
لطالما عانى الشعب المغربي من ازدواجية التفكير، فمثلا الدين ممنوع مناقشته لأنه مقدس لكن في المقابل أفكاره وأفعاله لا تَمُتُّ إلى الدين بصلة، ولدنا في وسط يقدس الدين والله وتَرَبَّيْنَا على نفس الشيء دون أن نعرف لماذا وكيف! وكنا كلما تساءلنا عن شيء بهذا الخصوص نُقمع وكأنك تجرأت وتخطيت الحدود وإن تجرأت وطرحت سؤالاً كـ:
من هو الله؟! ولِمَ علينا عبادته!
ستجد أن كل الأعين تحدق بك بل أكثر من ذلك هناك من سيرغب بقتلك جهادا في سبيل الله..
وهو ما سيحدث حين يرى البعض مقالتي هاته أعلم أن جلَّ من سَيَطَّلِعُ عليها قد لفت انتباهه العنوان وسيبحث بين السطور عن زندقة، وقد يُؤول كلماتي حتى يتسنى له اتهامي بالكفر كي يجهر سيفه في وجهي، كل هذا لأني تجرأت وتحدثت عن الدين.
إن أغلب الناس لا تفقه عن الدين شيئا سوى أنه جهاد لذا نجد مجملهم يجاهد في بعضهم البعض، ليس جرما أن نتساءل عن ديننا ونبحث عن كل شيء مبهم بالنسبة لنا بل الجرم أن نكون متعصبين ومتشددين لأفكارنا، فإن حُرمنا من حرية الاعتقاد فدعونا لا نفقد حرية التعبير ونعبر عن آراءنا أقل شيء، دعونا نفرغ ما في جعبتنا علَّنا نجد إجابات لأسئلتنا.
لكم هو مؤسف أن يسألك طفلك من يكون الله ولِمَ أنت تعبده وتبحث عن إجابات دون جدوى، فتلجأ للسلطة كي تفرض عليه ما لم تستطع تفسيره له وتجنبا لهذا النوع الكارثي من الممارسات دعونا نتساءل نبحث نخطأ ونصيب امنحونا حرية الاختيار..
بالحديث عن الاختيار في مجتمعنا لقد تم منح حرية المعتقد إلى حد ما، لكن الغريب في الأمر أنها استخدمت لمهاجمة بعضنا البعض فمن كان ملحدا يسب ويشتم في المسلم وينعته بالجاهل، ومن كان مسلما يلعن في الملحد وينعته بعدو الله، والأصح أن كليهما جاهلان؛ فالأول تحرر من قيود لطالما ظن أنها خرافات ومن يصدقها فهو أخرق لذا شعر بالسمو ما إن تخلص منها، أما الثاني فهو يشعر وكأن أحدا خرج عن عصمته لذا يعاقبه بتهمة الجرأة التي هو بالأساس يفتقدها..
كما أن الملحد يظن أن المسلم يتصرف بجهل لأنه داخل عالم الدين، والمسلم يظن أن الملحد يتصرف بغباء لأنه حرم من نعمة الدين.
الدين أسمى من أن يكون هكذا، كل من تصرفات هذا وذاك ما هي سوى أخلاقهم تمثلهم لا صلة لها بالدين لذا لو أردنا إلقاء اللوم فسيكون على عدم وعيهم، فالأول تحرر من الجهل كما يعتقد لكنه أظهر على أن الجهل يكمن في عقله وليس في الدين، أما الثاني فقد نسي كل ما يدعو إليه الدين من تسامح وإحترام ومعاملة حسنة ليعتنق السب والشتم الذي هو بالأساس ليس من شيم المسلم.
على كل منهما احترام معتقد الثاني والتحاور حتى وإن لم يقنع أحدهما الآخر، فاحترام الأفكار أمر واجب وأكثر من ذلك تقبل الاختلاف هو حجر الأساس.
الإلحاد ليس هو الاستهزاء بالدين وتقمص دور المتمرد واستفزاز كل من هو متدين بل يكون بالبحث والاستناد إلى أشياء جعلتك تفقد ثقتك بالدين وتخسر إيمانك، والإسلام لا يكون بالنفاق والخداع بالكذب والسرقة بالحقد والكره.
أقول وأعيد أن الوعي أمر مهم نفتقده في مجتمعنا الذي أصبح الإلحاد فيه موضة وإظهار عقلية متفتحة خاصة فئة الشباب المراهقين فأن تكون ملحدا يجعلك تكون أول شيء مشهورا، فالكل سيشاور عليك بإصبعه ويجعلك تبدو بصورة حضارية وهذا بالتأكيد ليس موجودا إلا في العقول غير الواعية محدودة التفكير، بل إنه أصبح تحديا بينهم فإن لم تتجرأ على انتهاك أحد المقدسات كعدم صوم رمضان أو الاستهزاء بالدين، فأنت لست سوى خروفا جبانا سيضحك عليك أصدقاؤك وينعتونك بالجاهل لذا تجنبا لوضع نفسك وسط هذه المهزلة تلجأ للإلحاد الذي يجعل منك شخصا شجاعا متمردا.
المشكل في مجتمعنا ليس في الدين بل يكمن في نوع التربية التي يتلقاها الطفل في المنزل يجب أن ترتكز التربية على الحب والتسامح على العطاء والمآزرة، فإن هي بُنيت على هذه الأعمدة ستكون بناءا قويا لن تهزه ريح، ربُّوا أولادكم على الإنسانية على الإحترام وامنحوهم حرياتهم بل الأهم ثقفوا عقولكم.. اعلموا كي تُعلموا ابحثوا عن أجوبة لأسئلتكم دون خوف كي تحضروها من أجل أولادكم كفاكم جهلا وتزمتا وكفاكم تقليدا لأجدادكم.. أنيروا دربكم كي تُنيروا درب أطفالكم وعبروا عن آرائكم بكل حرية كي يتعلموا هم أيضا حرية التعبير دون خوف.. عيشوا في سلام.
