وكان مساء

كنت في ذلك اليوم غارق مع صديقي في حديث طويل، حتى انتشلني شخصك الراكض أمامي، كان حضورك عبارة عن ثورة مقدسة ورسالة معظمة والتفاتة قدر تستحق الرقص والإجلال..

رأيت في ملامح وجهك وتخوم عالمك الآخر لوحة حب معلقة في سماء الجمال، لقد كان لحضورك موسيقى خاصة وأحاسيس غريبة حررتني من اللحظة والزمن والمكان والجسد، أمضيت بعض الوقت وأنا أدور في متاهات الخيال مرة أرسمك قبلة على شفتي ومرة عناق أبدي ومرة رقصة على شكل نوتة موسيقية..

بدوت متوترة وخائفة وعليك علامات الفزع دلفت بسرعة إلى الكوخ الذي يبعد مني عدة مترات، لم أعرف تفاصيل خوفك إلا بعد فترة من الزمن ما عرفته في ذلك الوقت أن جمالك الذي تشكل هيئة خوف وأرتباك مقدر لي أن أحبه وأتعمق فيه، أمضيت بعض الوقت مع صديقك في الكوخ، تسائلت في نفسي عنك وددت لو أنني أعرفك، خيل إلي أننا التقينا من قبل وأننا اجتمعنا في زمن بعيد، خرجت من الكوخ رفقة صديقك كنت تتمشين أمامي وشعر رأسك يتكوم على كتفيك. لقد كان مشهدا رائعا يحث على الحياة..

في بدايةِ الأمر ظننت أنه مجرد إحساس عابر لكن مع الوقت تأكدت أنه نبض صادق، كنتُ أُحِسُ بأنك قريبة مني جداً، وأنني أنتمي إليك قبل بدءَِ أي شيء، لم يكن مجردَ إحساس، لقد كان أكبر من ذلك، أشعرُ أن روحي تتنفسك وأنك تسكنينها كلما رأتك تعمقت فيها أكثر..

لقد كانت أقدارنا مترابطة بشكل لا يصدق، كلما سلكت طريق أجدك واقفة أمامي، في أمسية المتحف رأيتك جالسة بوقار رهيب كأميرات الأزمنة الفائتة شققت الصفوف وصنعت لنفسي مكانا بجوارك..

كنت أتسولك الكلام وأخلق نفسي على شكل مهرج حتى أحصل منك على كلمة أو ابتسامة، كلما رأيت بريق عينيك يتضاعف شعوري اتجاهك ويتضخم، حسنا أعرف أنني لا أملك الكثير من الإغراءات ولا المظاهر المزخرفة ربما لا أملك شيئا أقدمه لك غير حب يكبر داخلي كل يوم..

حقيقة لا أحب أن أعبر شعوري اتجاه أي شيء لأنني أجد في ذلك استهلاكا لمقدرتي وقوتي وضياعا لمشاعري، أؤمن أن المواقف هي التي تعبر عن مشاعرنا وهي الترجمان الصادق للحب لذا كنت أتمنى أن يحدث بيننا موقف يصل لك كامل حبي دون أن أتكلم، الكلام عن الحب هو استهلاك تافه يذهب أدراج النسيان..

نحن الذين جربنا الخذلان خرج كل منا بدروس وانطباعات وعقد لا يقدر على تجاوزها. أنت لم يعد يهمك الحب ولم يعد باستطاعتك تصديق أحد، في نظرك كل الرجال كاذبون وأنا لا ألومك ولن أحاول تحطيم ذلك الادعاء، أما عني فلم يعد بمقدوري شرح مشاعري وعرضها بالطريقة المطلوبة، لم يعد بمقدروي إثبات شيء رغم أنني حاولت معك، أترك الأشياء للصدف والأقدار ثم أنتظر.

الكلام عن الحب هو استهلاك تافه يذهب أدراج النسيان..

أعلم أنني معقد ولدي الكثير من السوابق، لكنني كنت صادقا في بوحي لك، تعلقت بك حتى نسيت نفسي كأن وجودك إثبات لوجودي..

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version