وهم المشاعر

لَكَم كان شعورا صعبا حينما بحثت عنك بداخلي ولم أجدك، أَبعد كل هذا لا أجد منك حتى أثرًا يدل على أنك كنت هنا في قلبي ذات يوم أو ذات عمر؟ أبهذه البساطة دواخلي طردتك مني؟ أي طرد هو هذا؟ أي استغناء هو استغنائي عنك وأي تخلي؟ ترى هل خرجت مني طوعا؟ أو بالإكراه؟ هل خرجت مني حبا أو كرها؟ فرحا أم غضبا؟ رضا أم سخطا؟ هل حز في نفسي أنك ما عدت لصيقا بي وممتزجا بروحي ومنغمس كلك في قلبي؟

لا. بل نعم. يا له من سؤال يبعثرني ويشتت معظم أفكاري -بل كلها-، استنجدت بعقلي ليجيب عني بدلا مني، ولكنه صفعني بـ”ربما/ لا أدري”.

ترى هل ينتهي الحب؟ عجبا!

أخبرتك ذات فترة أنني سأحبك مدى الحياة. كنتُ أقولها لك بكل ما أوتيت من صدق، بدون أدنى شك في مشاعري نحوك ولا حتى باللجوء إلى الكذب لأقنعك. وعدتك بالحب الأبدي وها أنا أخلف بوعدي لك رغما عني وبدون قصد مني.

تساءلت بكل جدية وأسف؛ هل كل المشاعر التي منحها لك قلبي لم تكن سوى مشاعر مزيفة؟ وهم على هيئة حقيقة؟ أم أن كل شيء كان في منتهى حقيقته ولكنه انتهى؟  أمعن النظر فيك وأفكر في كل ما مضى، أحاول التركيز باحثة عن إجابة تقنعني قبل أن تقنعك ولكنني لا أجد الجواب ولا أعرف بماذا أبرر شعوري الجديد اتجاهك، جل ما صرتُ أعرفه أن كل ما بي نحوك استمر إلى أن انتهى.

حينما عدت حيثُ كان عليكَ البقاء، حينما وجدتَ طريقكَ أخيرا، أدركتُ أنكَ عدتَ إلى رشدك ولكن متأخرا، حينما عدتَ إلي باحثا عني راجيا مني أن أنسى ما حدث متأسفا على كل ما حدث معترفا بجفاء قلبك الذي لم يعرف الحب إلا بي معتذرا لأنك أحببتني بكل قسوتك التي طغت على طيبتك، بجبروت قلبك وقلة حيلتك، بطريقتك في الحب التي لا تطاق والتي تقبلتها وجعلتُ منها طريقة تُطاق أيقنتُ أن كل ما جئتَ تُلقيه علي من كلام لن يُعيدنا حيث كنا.. لقد فات الأوان.

وحينما بدأتَ تتكلم بحماسة عن مستقبلنا الجميل الذي رسمتَ فيه كل أحلامك أوجعني أن أعترف لكَ أنها ستتحقق ولكن بدوني. أوجعكَ كلامي؟ أعلم ذلك ولكنني ما عدت أحبك كالسابق، ألمني النظر في عينيك بلا مشاعر، ألمني قلبي لأنه اكتفى من النبض لأجلك، لم أشعر بكرهي نحوك، ولكنني لم أشعر بالحب أيضا، لطالما لعنتك كلما ساء وضع قلبي، ولكنني الآن لم أصرخ في وجهك على ما مضى وما كان وما سيكون.. كما لو أن الأمر لا يعنيلي، كما لو أن صباحات العذاب ومساءات الأسى وليالي الوجع لا تستحق أن ألومك عليها.

هناك أشياء تغيرت، أو أنها قد تلاشت، شيء ما انكسر، شيء ما بيننا ما عاد كما كان، هذه المرة لم أتوجع بسببك، بل توجعت بسببي لأنني أخلفت بوعدي لك، أخلفت بحبي الذي ظننته سرمديا.

قبل رحيلك قلت لك لا ترحل، رجوتك أن لا تفعل، أخبرتك أن رحيلك عني نهايتي، أخبرتك أنني زهرة أنت ساقيها وأن تركك لي سيجعلني أذبل، أخبرتكَ أن الحياة من بعدك مستحيلة، صعبة، لا تُعاش. انهرتُ أمامكَ بكل ما أوتيتُ من ضعف، وبقلبٍ عاشق، هائمٍ فيك، أقسمتُ لكَ بحبي… أحببتكَ حبا ظننتُ أنه سيلازمني كداء يصعب منه الشفاء، ظننتُ أن حبي لك سيبقى خالدا، غير أن بعد الظن إثم.

لا أعلم متى نسيتك؟ ربما حينما استبدلت الأغاني الحزينة بالأغاني الصاخبة! وربما نسيتك حينما لم يعد يستوقفني اسمك! أو ربما حينما بعثت لي برسالة بعد طول غيابك! ولعلني نسيتك حينما تعثرت بصورتك ولم ينقبض قلبي أو تدمع عيناي اشتياقا وحسرة…؟

ها أنت عدت، بعدما غبت عني طويلا.

جئتني متشوقا لجرعة من الحب، متلهفا على حب خذلته وخلفته وراءكَ ومضيت.. جئتني وأنت على يقين أنني مازلتُ أنتظرك، ومازلتُ أعيش على أمل عودتك.. وها أنت الآن أمامي كرجل غريب كل ما يجمعني بك ماضي طويت صفحته.

ما عادت هناك مشاعر، انتهى رصيدي من الحب، صرت فارغة منك كأنك لم تكن بداخلي أكبر حجما مني، سقطت من قلبي لأن صعودك إليه لم يكن يليق بك.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version