إن الإمام الشافعي رحمه الله الكيس، الفطن، التقي، النقي، العابد الزاهد، رمي ظلما وبهتانا ممن أعمى الله بصيرتهم بالرفض والغلو، وهذا ليس إلا لحبه لأهل البيت “آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم”. ولقد رد على من يتهمونه في ديوانه فقال:
“إذا فى مجلسٍ نذكر عليًّا
وسبطيه وفاطمةَ الزكيَّة
يُقال تجاوزوا يا قوم هذا
فهذا من حديث الرافضية
برئتُ إلى المهيمنِ من أُناس
يرون الرفضَ حُبَّ الفاطمية”
وقال أيضا: “….. إنْ كانَ رَفضًا حُبُّ آلِ مُحمدٍ فَلْيشْهَدِ الثَقَلانِ أنّي رافضي”.
إن المسلم في كل صلاة في التشهد يقول: “اللهم صل على محمد وعلى آل محمد…”. فما علاقة المؤمن بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟
شاهدت مقطعا لسماحة المرجع الديني د. كمال الحيدري اتصل به في البرنامج شخص وقال نحن السنة نحب أهل البيت ونشهد أنهم على خير ونحبهم كما نحب أبو بكر الصديق وعمر الخطاب رضي الله عنهم، والحسن والحسين سيدا شباب الجنة…. إلخ.
ثم رد د. كمال الحيدري الإشكال ليس هنا، ليس أن تقول أنا أحب أهل البيت، لكن أنتم تقولون نحب عمر (رضي الله عنه) وتتبرؤون ممن قتل عمر رضي الله عنه بل تلعنونه وتكفرونه، وتفسقون وتبدعون وتضللون الذين حاصروا عثمان رضي الله عنه وقالوا عنه “نعثل” وقتلوه وهو رجل كبير.. ولكن تأتون لمن يقتل الحسين ويطعن في أهل البيت وينكل بهم، ثم تقولون هؤلاء صحابة ومجتهدون والخلاف طبيعي.. هذا لا يستقيم!!!
نعم إن كلامه نابع عن حصافة وعلم، ألم يقاتل معاوية ابن أبي سفيان علي رضي الله عنه، وهو الإمام الحق وفرق المسلمين وشتت كلمتهم وقتل من قتل، ألم يطعن فيه في منابر الجمعة أمام الملأ، ألم يدعي أنه قاتل علي رضي الله عنه، ودعا للانتقام لقتلة عثمان، وبعد أن تمكن معاوية من الحكم لم ينتقم ممن قتل عثمان رضي الله عنه؛ بل حكم بالغلبة والقوة وورث الخلافة لابنه يزيد..
وهنا ملاحظة هامة، يزيد ليس من الصحابة أصلا على عكس ما يظن البعض فهو لم يرَ النبي صلى الله عليه وسلم ولا عاش في زمنه.
ولأول مرة في تاريخ الأمة الإسلامية يورث الحكم ويصبح توريثي ونخرج من خلافة تكون فيها الشورى كما هو مذكور في كتاب الله إلى الملك العضوض الجائر، الظالم..، فيا لها من طامة كبرى، ألا إنها من إحدى الكبر أن يأخذ يزيد الفاسق العربيد الحكم، وأهل بيت النبي الحسين وغيرهم موجودون ولقد رفضه الناس ثم كان يزيد قاتلا للحسين رضي الله عنه، وإن لم يكن قاتلا له فهو محرض أو مساهم على أقل تقدير في مقتل سيد شباب أهل الجنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فالمسلم السني لا يكون ناصبيا ولا رافضيا فهو وسط في حب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، فلا غلو ولا جفاء، فأهل البيت مكرمون مبجلون، وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، لا سيما الأربعة الكبار أبوبكر وعمر وعثمان والسابقون الأولون من المهاجرين، عبد الله بن مسعود وأبو ذر الغفاري، هذا والله أعلم.