الانتخابات المحلية في الجزائر.. عرس الريح

لم تعد الانتخابات المحلية في الجزائر تمثل غير مشهد من مشاهد “عرس الريح” الجزائري لما آلت إليه الأوضاع عبر كامل التراب الجزائري والتي لم تنحصر في مكان واحد فقط، حيث الجميع يعدو خلف أفراح زائفة وكاذبة تكون نهايتها جزءًا جديدا من مسلسل قديم ومستمر “معاناة المواطن الجزائري”.

فالمتابع للمشهد السياسي المحلي عبر الجزائر، سيرى الوجوه المرشحة التي في كثير من الأحيان، لا تكون لها علاقة بالسياسة أولا والتسيير الإداري ثانيا، ولا بالكفاءات والقدرات والمهارات التي يجب أن تتوفر في الشخص المرشح لرئاسة البلدية وتسيير مجلسها الشعبي، مما يجعله عرضة للسخرية والتهريج من المواطن الواعي وليس بالساذج –إلى ذلك الحد– عند نقده القوائم السياسية المرشحة لتمثيل الشعب على المستوى المحلي والولائي، التي من أولوياتها السعي للرقي بآمال وطموحات الجماهير الساعية إلى تحقيق التنمية ومطالبها، كالربط بشبكات الطرق، المياه، الكهرباء، الغاز الطبيعي والصرف الصحي، التي لا تزال على رأس المطالب الشعبية عادة..

ناهيك عن مطالب أخرى كبناء وإنجاز المنشآت التعليمية، الصحية، الرياضية، الترفيهية، الثقافية وغيرها حسب خصائص كل منطقة، إذ بات الحديث عنها هو تأشيرة مرور لإقناع المنتخبين للتصويت لصالحهم، لكن بمجرد انتهاء العرس الانتخابي الكاذب حتى ينتهي ويُنسى كل شيء وتبقى تلك المطالب حكايات تُداولها الألسن ويُطالب بها مسؤولين أعلى بالدولة من والي ووزير ورئيس دولة.

إن حجم البهرجة والتقربيع الذي تحدثه الانتخابات عبر البلاد من مهرجانات خطابية وتصريحات مسؤولة وغير مسؤولة تتجاوز مرات كل الحدود والتصورات والحديث عن المعقول والمجنون، سواء كانت من ممثلي الأحزاب السياسية أو المرشحين عبر البلديات والولايات، على شاكلة اتخاذ قرار إنشاء مطار جوي مدني من طرف رئيس بلدية، أو مقامر أميّ لا يجيد القراءة والكتابة يسير بلدية وشؤون المواطنين اليومية، لا تعبر -بصدق- عن حقيقة هذا الموعد السياسي الهام الذي يمثل القاعدة الأهم لتحقيق التنمية والانطلاقة المرجوة للبلاد وتحسين الظروف والمعيشة بشكل عام..

فما ينتظر من الهيئات المحلية لا يمكن له أن يتحقق ولا أن ينجز لصالح البلاد والوطن في ظل التفكير اللامسؤول والتسيير السيئ، الذي يحول دون تحقيق تطلعات الحكومة والدولة من أجل انطلاقة اجتماعية واقتصادية هامة للبلاد ككل، ما يعني بقاء دار لقمان على حالها، وتبقى الهيئات المحلية عائقا وعالة على كاهل الدولة الجزائرية.

مادام المسؤول المحلي المرشح والمنتخب يرى أن تطوير ودفع عجلة التنمية المحلية مرتبط بالدولة وأن هذه وظيفة السلطات العليا للبلاد، وأنه لا دور له فيها –وإن كانت لا تمثل رؤية غالبة لكنها معممة في العادة– إلا المشاهدة والمتابعة والزهو بما تقدمه الدولة من معونات مالية ومنشآت مباشرة لهذه البلدية والولاية، ولا يقدم أي إضافة لما يقوم به، فهو كمن يحضر عرس الريح يأكل ويشرب ويرقص ويفرح ثم يعود إلى بيته لا يهمه شيء من كل هذا غير الاستمتاع بيوم الانتخابات المحلية والولائية لهذه السنة..

وفي الصباح يكتشف أن القرية لا تزال على حالها وتذهب الفرحة والبهجة مع رياح الحقيقة البارد، ليبدأ خطاب السباب والشتائم ولعن الواقع والحال مثل كل صباح.

عرس الريح مثل جزائري للتعبير على حدث كبير لكن في الحقيقة كاذب، يعني تظهر كل مباهج وتقاليد العرس لكن لا وجود للعريسين.
جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version