الابتسامة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها العالم بأسره
لم يعد هناك مجال للشك أو الريب بأن هناك الكثير من المؤشرات التي تجعل الفرد الإنساني أقل حظا من غيره، لم يعد هناك ما يخسره الإنسان حينما يطالب بمكانته الحقيقية بين بني جلدته، لقد اختلطت الغايات بالأهداف، وصار لكل فرد لحنا يشدو به على حسب طاقاته وابداعاته، إنها الألغاز الهجينة التي تعبث بكافة تصورات الفرد، لكنها تنتحر في آخر المطاف مبتسمة.
من الظلم أن ينحاز الفرد للآخرين على حساب نفسه وذاته، من الغرابة أن نجد فردا من بني البشر يحاول إسعاد الناس على حساب داخله، لقد غزت الذات البشرية الكثير من ترهلات الزمن وتصلبات التاريخ والتقاليد، فصارت دون أن تدري مثقلة بما يجول في الضمائر من أباطيل، وهي بهذه الميزة تكبح علاقاتها الموصولة بمن حولها، لتصيغ أملا جديدا بعيدا عن كل ما حملته سابقا؛ عندما يستيقظ الضمير باكرا ويدفع بضباب غشى جوهره بعيدا، فهو يصنع مساحة ضرورية للفرد الإنساني من أجل راحته الظرفية، وبذلك يجد الإنسان أهم متطلباته وحاجاته في لحظة عودته إلى ذاتها بلا عوائق، إذ لا يفهم الفرد ذاته سوى إن ما اكتشفها من جديد، سوى إن أعاد مراجعة ما لديه من مهمات وجداول تلازمه حتى عصره القريب.
هي دائرة فعلية للمعاملات الإنسانية، تحمل الكثير من المفاهيم، لكنها في الوقت ذاته، هي تحمل أيضا بعض الصدامات التي تأسر الإنسان، وتحاول إعادته إلى مربعه الأوّل “الضيــاع”.
بين ما يبهر الفرد الإنساني من مستلزمات العصر ومفاتنه الحيوانية والعقلية على حد سواء، يئن الروح بشكل قاسي للغاية، يسترسل في التخبط بعدم المبالاة مرّة، وعدم الخضوع للاستسلام مرات أخرى، يسارع إلى نجدة ما تبقى له من أنفاس رغبة في إيراد المسائل الروحية كلها في اتجاه واحد جديد، لا ينجح في ذلك، فتراه يحتفظ بنشوة المحاولة، وهذه هي النقطة التي تطارد زمن الفرد الإنساني لتضيّع عليه مساحته اليومية مستعملة أداة الأمنية والهوى.
هي جلسة لشرب القهوة على شاطئ مرسى بن مهيدي مع سمر روحيّ عتيق تصعقه صرخات الضجيج من حوله، هي آمال تجعل الإنسان يستحضر نهايته الغريقة، تعيد إليه الكثير من أثقال لم يعرف كيف علقت بكاهله، ولا كيفية التخلص منها، ليسود التفكير الجو المختلط بين غربة الروح وهجران القوة، هي سَرِيَةٌ دفاعية تحاول العمل بمدفع الأمل في مناسبات لا أمل فيها للأمل، ومع ذلك تكسر أمواج المتوسط الجوّ السائد لتعيد للإنسان تلك الحيرة التي ولدت معه، ولا تزال ترافقه إلى غاية هذه اللحظات؛ لكل مرحلة من حياة الإنسان منطقها الغريق، لكل عالم لغاته التي تخصه، لكل مسار وجودي للكيان البشري أدواته وعلاقاته وأهدافه، فحين تبلغ الأحداث حدودها النهائية، يسترسل الضمير في سرد أنينه بشكل فاضح.
الابتسامة
ابتسم! وارقص على تلك الأنغام التي تبدأ بتلك الصرخة التي تخرج من العمق بلا حواجز ولا تنميق..
حاول أن تحمل في كل لحظة يأس بشرى بفجر لا يتعرف عليه سواك، لا تجعل الذل عنوانك ولو بصفة مؤقتة..
كن قويا وسط الأمواج، فالبحر المتوسط لا يبتلع سوى الضعفاء، واعلم بـأن الإنسان الذي تحاول صناعة فؤاده بكل حجرة تطفو على سطحك المهترئ، هو ذاك الكيان الذي يحمل على فترات سوط أفكار مسمومة، ثم يشرع في تلقينك الدروس التي أنت في غنى عنها، لهذا: ارقص ولا تكترث.
مشاهدة رقصة والقيام بالرقص تحت ظروف مختلفة، تدخل الإنسان في انقسامات روحية تنتهي بحلقة تجمع بين النفي والرغبة..
لهذا نجد الفرد الإنساني يذمّ الرقص ويسخر من الراقصين والراقصات، لكن في أوّل تماسه مع الايقاع والموسيقى، تراه يبدأ رقصته الخاصة، وفق تجسيد حركاته الخاصة، ودون التفات حتى..