تبدو الحرية زئبقية إلى أبعد حدودها، حيث يمكن توجيه تهم المس بهيبة الدولة أو الرئيس ثم الإرهاب إلى المدونين في تونس الخضراء.
شباب تونس يُجر نحو السجون، والتهم تدوينات، في استحضار لمحاكم التفتيش في الضمائر مع الموريسكيين.. أصبحت وزارة الداخلية لا تتورع عن التفتيش في جدران الفيسبوك.
أنت تخرج عن سياق النمط المسطر إذاً أنت هدف مشروع للإيقاف، ربما سأصبح مختصا في الدفاع عن المدونين المسجونين وأُسجن أخيرا لكن الأمر سيان، قصة أخرى تراود الحرية وتبتعد عنها، إيقاف “منتصر الشلي” و”أحمد حمدوني”!
قد يكون الكلام أوضح هكذا.. سيدي الرئيس، ورئيس الحكومة، ووزير الداخلية أرجوكم لا تحجبوا عنا الشمس هذا ما نحلم به، فقط بعض ضوء من الشمس لا عمل ولا تنمية..
منتصر ذو 27 ربيع معطل عن العمل، شاعر مدون وسينمائي هاو؛ عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مكتب صفاقس، يحاول اغتنام مناخ الحرية للتعبير عن مواقفه على جدار الفيسبوك، تعبير افتراضي في ظل فراغ تشريعي، لم يعلم أن طريقه للسجن سالكة.
حدثتني “فردوس الزعيبي” ناشطة بالمجتمع المدني وهي من أصدقائه:
– السادسة مساء الخميس 8 فبراير/ شباط 2018 مجموعة أمنية في زي مدني تطرق باب الدار -أي دار منتصر- ويطلبون لقاء والده الذي هو خارج المنزل، فيطلبون لقاء أحد أبنائه الذي هو منتصر الشلي، وأخبروه أن يحمل هاتفه معه.
بعد إجراء اتصال أمروه بغلقه، أعلموه أنه موقوف، في الليل تم استدعاء والدته لمركز الأبحاث والتفتيش بصفاقس ليخبروها أن الأمر لا يستحق تكليف محام لأن المسألة لا تتجاوز قرصة أذن “كبسة”. تجدر الإشارة أن منتصر أحد رموز الحراك الشعبي ضد شركة بيتروفاك.
في نفس السياق تم إيقاف أحمد حمدوني 24 سنة ناشط مسرحي، وعضو الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة سبق له أن قام بدور في فيلم قصير، تم إيقافه بنفس الطريقة، أحمد الذي هو مشروع مسرحي يحلم أن يدخل المعاهد والأحياء حُمل إلى غرفة التوقيف، كان يستعيذ من البطالة بالعمل في محطة تزويد بالبنزين “kiosque”.
بين النشاط المدني والثقافي يتقاسم أحمد ومنتصر صداقتهما، من النشاط في جمعية “وشمة” للمسرح، الشارع ثم الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، إلى الزنزانة بتهمة التدوين المستفز للحكومة أو السلطة، ليتم استنطاقهما بالعوينة الإثنين 12 فبراير/ شباط 2018، ثم جلسة المحاكمة يوم الثلاثاء 13 فبراير/ شباط الجاري تحت طائلة حرية التعبير المضمنة في دستور تونس الثورة!
تحت نفس العنوان وبمسميات مختلفة، سؤال الحرية وممارسات رجالات سلطة القمع الديمقراطي، هل يمكن ممارسة حقوق الإنسان الكونية في ظل حكم سلالة الدكتاتورية؟
“يوم ميلاد الديمقراطية هو يوم وفاتها” قول لرجل دين إخواني، فهل أنتج الزواج الإخوانودستوري خلطة بمقاييس هذا العصر مفادها ولا زمن الحرية؟
أخيرا قد يكون الكلام أوضح هكذا.. سيدي الرئيس، ورئيس الحكومة، ووزير الداخلية أرجوكم لا تحجبوا عنا الشمس هذا ما نحلم به، فقط بعض ضوء من الشمس لا عمل ولا تنمية..