مدوناتمدونات الرأي

التربية الإسلامية منهج لحفظ الأنفس وإحلال الحياة

في مجمل ما لاح جليا عن إشكالية التربية، وربطها بما تشهده الحاضرة العالمية من تطرف وسفك، وما يلفق عمدا للإسلام، وفي المقابل فإن هناك من يزكي فعله باسم الإسلام، كثيرا ما علت منابر الحديث والإعلام والسياسة بالمملكة المغربية، وغيرها من دول الأمة، بالكلام عن ظاهرة التطرف وما تلده لنا الظاهرة من إرهاب أصبح يربك أجندة وحياة الدولة والمواطن على السواء، غير أن اللافت للنظر هو ما نظَّرته الدولة في سياستها أنه ناتج للتعليم الديني والأخص التربية الدينية بالمدارس حيث زعمت بعد أن أخلطت أجندة غير مرحب بها في البلد، بكل مكوناته أن يعزو التطرف للتربية الدينية، وهذا تناقض تام مع ما تحويه تعاليم الدين الإسلامي من حب الحياة وكرامة النفس وحفظها، مهما كان لونها ومشربها وجنسها.

والذي ما فتئنا ننظره أنه تقصيرا في مناهج التربية الإسلامية، التي قزمت تدريجيا خلال إصلاحات التعليم، في السنوات الأخيرة، كان له الوقع أن أنتج طيفا من الشباب الجاهل بالحياة، والفارغ من تعاليم الروحانية والعيش بمحبة وسلام، لا الركن إلى التطرف والجهل والفوضى مهما كان تبريرها حيث الإرهاب التطرف، والإرهاب التلصيص والعدوانية المستشرة في الشوارع، فيما نراه من شباب حملة السكاكين، يعترضون السبل، ما أسموه “التشرميل”.

أليس الأجدر بنا الآن تكثيف التربية على القيم لحفظ الأنفس؟

إن الأمر بطبعه يستوجب التكثيف من تعليم معالم الشرع في المعاملات والأخلاق والحلمية بين الناس، لا العزوف عن تربية الدين وتعليمه، ووضعه هامش التربية دون وضعه الأساس والحجر الزاوية في التعليم والتربية، هو تنظير يروج فينا من تحت أيد خفية عدائية لا تريد غلا هتكا بالأمة وسائر الأمم، وهذا قول هوج غلط، نظروه فينا عمدا للتلفيق وزعما بالأهواء، وافتراءات الباطل على التربية الدينية الناصعة الجوهر السمحة الأفكار..

نعم الأمر يستوجب النظر للانطلاق من هذا الركن، بتقرير إلزامية المعرفة الدينية من باب التربية الإسلامية كمرسوم بيداغوجي منهجي، معرفة حقة. وتنشئة المجتمع الصغير، الكبير في القادم من الزمن، تنشئة غرسية المنافع، سمحة على مقاسات مظان دين الله، جلية السلم والسلام كالمحجة البيضاء لا ثغور للظلام بها، والمنبثق منها معالم تدبير الدنيا وفق منظور الإحسان وإنشاد العمل الجد، وحثحثة التقدم والرقي، ومحبة الحياة بنبذ أشكال الكره والبغض وسفك الأرواح البريئة، واستباحة أموال الناس وأعراضهم..

استباحة استشرت ومازال تستشري، بل وجهلا يسير في جسد الأمة ينخرها بقدر ما ابتعدت معرفيا وعلميا وتربويا، عن هذا الكنز الأزلي المتجدد بتجدد الأزمنة بامتداد صلاحه وعمله ورطب فحواه، إلى يوم نحشر فيه إلى الله.

إن الداب على تنظير التربية الجفاء وعزو التطور إلى الماديات من الأسطر وهضم المستورد من فنائيات الأمم الأخرى المستعمرة والمدمرة للهويات؛ لوالله إنه نظر عليل يقتدر علينا سلبه وطمسه، فكلما ابتعدنا عن تعاليم وتربية الإسلام الحنيف السمح من فحاويه لعمرنا دهورا في الخراب والفوضى والإجرام بشتى دركاته، من خلال الهياكل البشرية الجفاء التي ستنتشر في المجتمع، والفارغة من معالم الدين وتربيته، وإن هؤلاء لهم أقرب قربا؛ من أهواء التطرف وجماعات القتل والتشدد والغلو في الدين فذلك مداخله الجهل.

وأما إن اقتربنا وجعلنا الطريق يبدأ سلكه من حجر أساس أبيض، بغرس أخلاق وتريية الإسلام الغراء، ورص قوالب الدين التي ستشكل بحيثيات نورها، أرواحا جادة يعول عليها دينا ودنيا تقدما وازدهارا، وكما لو نظرنا نظرة تربية على التربية الإسلامية لوجدناها أكرمت الإنسان أي كرامة وأعزت روحه أيما اعتزاز وأنشلت رطبته من معدن القسوة والبغض إلى مقام النور والحلم والصلح والصلاح.. ولمن كذب رأينا هذا فلينظر تعاليم القرآن الكريم والسنة الشريفة، على صاحبها الصلاة والتسليم.

إن القول بالتركيز على التربية الإسلامية كمركز أساس في التربية والتعليم، لا يجعلنا نغفل عن النظر في سائر العلوم نظرة إهتمام وثفل آخر يسير بالعقول في دروب ملؤها النور والنهضة، ومحفزا للتفكير والفكر والتنظير والتجديد، وردع الجمود واستخلاص الأمة من بين رؤوس الأمم إلى حيث السمو والشموخ.

ولمن دعا لغير هذا فلينظر في الدين إن تعارض مع العقل العاقل في شيء فليأتينا به، وأول ما ينظر فيه وإليه أول ما نزل وتلي من القرآن البرهان الجلي، وأول ما افتتح به هذا الدين العظيم الشأن: “بسم الله الرحمان الرحيم، اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم”، ثم لينظروا إنهم تغافلوا واستحلوا التعلمن والغفلان على الخيرية ونور الصولجان، ليقرؤوا قوله تعالى: “كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى”..

ثم بعد هذا البيان والتوضيح الذي لا يلفه غموض البتة، ولا يعارضه لب من الألباب، أيقدر أحدكم أن يلفق بالدين الرجعية والتخلف والتطرف؟ وهلم جرا من ذلك، من أوصاف الإعلام المستأجر واللوبيات العلمانية وإملاءات صناديق النقد ومجامع دول الهيمنة والاستعمار؟؟. إن الردف على أقوالهم بالعمه لهو ضلال وعلة تستوجب النظر في أهلها نفسيا وعقليا وحتى في أعضاء البصر والسمع والحدس التي تؤكد حقانية ذلك الحق وزهقانية الباطل الدامغ ببرهان البصيرة والتدبر.

فإقرار الخف من التربية الدنية لهو باب التطرف الذي زعموا بمحاربته قرارهم، إن غذاء التطرف الجهل بالدين والبعد عنه حيث تقسى الأفئدة وتعوج الألباب لتفقد أهداف الروح والحياة إلى المادة وصراع البقاء على حساب الإنسان الآخر، وجعل المحبة والحب شيئا بين الناس غير يكترث له إلا عن طمع يطمع. وحتى الذين ادعوا فينا سياسة الإسلاماوية، للظفر بالمناصب، كذلك ليس فيهم من نظر نظرة حق بالدين، وإعلاء من كلمته وقيمه ترسيخ الهوية، الهوية التي أصبحت تخدش كل لحظة، بل جعلوه مطية ركبوها كوسيلة تدرج لغايات النفوس، وهذا مناف تماما لما علمه فينا الإسلام، أنه لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم، ولا فضل لذا على ذاك إلا بالتقوى..

وأمر أختيار أفضل الناس وأخيرهم هو أمر عند الله لا يشاركه فيه مخلوق لتقييم درجات الأنفس في التقية والكرم.. وهذا مدخله الجهل والغلو، بل والطمس على القلوب، وكيف من يدعي أن دافعه الدين، وإيديولوجيته الدين؛ أن يأتينا بما هو مغاير الدين، ومقاس عند أهواء أهل النحل والمتآمرين على الوطن وهامات أركانه، وأصحاب نفوذ الإمبرياليات الخفية التي تضرب صدور الهويات؟! بل وأن الدين والقيم والشيم الشهماء بدأت تأخذ أدراج الرجوع وتأفل في يوميات مجتمعنا المعهود كرما وقيما بين سائر الأمم. متخذين في ذلك طرق الإمعية والموضنة الخاربة للهوية.

إن العزة لهي العزة بالإسلام وإن المذلة لهي اللهث ابتغاء عزة غيره، والتربية على منظوره لهي صيانة دماء البشر، بل إن تعاليم التربية الإسلامية بمجملها لهي الحياة السليمة.

كاتب التدوينة: عبد البر شريف البوعامي

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

أظهر المزيد

MTAYouth

منصة شبابية مستقلة متوجهة للفرد والمجتمع المغاربي والعربي، فضاء حر لنشر مدوناتكم ومقالاتكم وآرائكم، وصياغة محتوى شبابي راقي، سجل بالموقع ودون معنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
marsbahisEscortSaatlik escortManisa escortGümüşhane escortfethiye escortEsenyurt escortmasözmasözantalya escortzlotdeneme bonusu veren sitelercasibombets10casibompusulabetbetmatik twitterbaywinGrandpashabetcasibomholiganbetbettilt girişcasibom girişslot sitelerisekabetbetmatikbetkanyonsekabetholiganbetdeneme bonusubonus veren sitelerataşehir escortjojobetümraniye escortmarsbahisdeneme bonusu veren sitelerdeneme bonusu veren siteler 2024deneme bonusu veren siteler 2024fethiye escortfethiye escortmarsbahismarsbahismarsbahiscasibomMeritkingAsh Kaash leakescort esenyurt
Etimesgut evden eve nakliyatankara ofis taşımacılığıEtimesgut evden eve nakliyattuzla evden eve nakliyatçankaya evden eve nakliyatmersin evden eve nakliyatçekici ankaraAntalya Çitseo çalışmasıtuzla evden eve nakliyatmaldives online casinoankara evden eve nakliyatoto çekiciEtimesgut evden eve nakliyatEtimesgut evden eve nakliyatEtimesgut evden eve nakliyattuzla asansörlü nakliyatpolatlı evden eve nakliyatMedyumniğde evden eve nakliyatyenimahalle evden eve nakliyateskişehir uydu servisigoogle adspubg mobile ucankara evden eve nakliyattuzla nakliyatüsküdar evden eve nakliyatMapsodunpazarı emlakAntika alanlarAntika alanlarAntika alanlareskişehir web sitesikocaeli evden eve nakliyatantika eşya alan yerlerantika eşya satmakseo fiyatlarıdex trending botdextools trending botdextool trending servicedextools trending servicecmc trending botcoinmarketcap trending botdextools trendingtrending bothow to trending on dextoolsdextools volume bottrending on dextoolsfront runner botfront run botfront running botmev botdex sniper botpancakeswap botpancakeswap sniper botsolana sniper botsol sniper botsolana botMetafizikdextools trendingmarsbahis girişmarsbahismarsbahismarsbahis girişcasibom girişcasibom girişcasibom giriş twitterMedyumantikaİzmir Medyummarsbahis girişviagraweb sitesi yapımımarsbahiscasibom girişteknede eğlenceesenyurt masaj salonugrandpashabetgüvenilir bahis sitelerigüvenilir bahis siteleri