الماسونية هي تلك القوة الخفية التي تحكم في مفاصل العديد من دول العالم وذلك في القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يصدرها زعماء تلك البلاد، ومن بينها أفريقيا جنوب الصحراء.
وبناء على ذلك قد تطرح بعض التساؤلات ما هي الماسونية؟ ومتى وكيف تغلغلت المحافل الماسونية في القارة الأفريقية وإلى أي مدى وصل نفوذ وتأثيرها في المنطقة؟
ونظرا لطبيعة الحركة الماسونية وما يكتنفها من غموض وسرية وشبهة، فليس هناك اتفاق على شيء من شؤونها. ومن بين تعاريف الماسونية أنها عبارة عن منظمة سرية أخوية عالمية يهودية الأصل يشترك فيها أعضاؤها بعقائد وإيديولوجيات واحدة فيما يخص الأخلاق والميتافيزيقا وتفسير الكون والحياة بخالق إلاهي وللحركة الماسونية علاقة جدلية وعريقة بالكنائس الرومانية والأهرامات المصرية القديمة، وذلك في طقوسها وتقاليدها وتهدف للسيطرة على العالم من خلال ربط علاقات متينة بكبار الشخصيات في الجمعيات الدولية والمحلية والمراكز السياسية وأصحاب النفوذ فيها لتمرير أهدافها وغاياتها.
ظهور الحركة الماسونية في أفريقيا
ومنذ نهاية القرن الثامن عشر الميلادي برزت الماسونية الحديثة في إنجلترا بثوب جديد وبشعارات براقة تمثلت في الحرية والإخاء والمساواة والإنسانية، وقد توسعت موجتها في البلدان الغربية لتصل إلى أمريكا، حيث أثر رجالها ومفكروها في أنحاء العالم.
وقد ظهرت الحركة الماسونية في أفريقيا منذ تواجد الاستعمار في المنطقة، ووجدت قبولا وترحابا في أوساط بعض زعماء الحركات السياسية الوطنية، كما استطاعت أن تستميل بدعاياتها الخلابة بعض النخب والشخصيات البارزة في الاقتصاد والفن والرياضة.
وقد انضم إلى الحركة الماسونية النائب السنغالي بليز جانج (1872- 1934)، الذي كان يعتبر من أكبر رموز الماسونية، فقد تلقى النائب بليز جانج مبادئ الماسونية لأول وهلة عند تعيينه موظفا، وقد ترقى إلى أعلى درجات الماسونية، كما انضم إلى العديد من المحافل الماسونية، وقد توفي ماسونيا حسب العديد من المصادر.
وتؤكد بعض الدراسات والتقارير على أن الرئيس الغابوني الراحل عمر بونغو ونجله، والرئيس الكونغولي دانيس ساسو انغيسو، والرئيس الكاميروني بول بيا، كانوا من أقطاب الماسونية في أفريقيا، وقد تزعموا كبرى المحافل الماسونية في القارة.
وقد أقر الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد أنه كان ينتمي للماسونية إلا أنه انشق ونخلى عنها طواعية. ومن النادر جدا أن يقر رؤساء دول أفريقيا أو غيرها بانتمائهم للماسونية.
المحافل الماسونية في أفريقيا
المحافل الماسونية سرية للغاية وأنشطتها وطقوسها مشبوهة، ولذلك لا يقبل عضويتها سوى الرجال البالغين فقط أيضا لا تسمح المحافل الماسونية بانخراط المتدينين في صفوفها، نظرا لأن تلك التنظيمات تشترط التحلل بالعقائد والديانات كشرط أساسي للترقي في مراتب العضوية، وبالطبع تزعم المحافل الماسونية أنها لا تحارب الدين أو التدين ولكن إصرارها على التسامح يجعلها لا تكترث بالدين على الإطلاق.
وقد ارتبط وجود المحافل الماسونية في أفريقيا بالاستعمار، وما إن حل الفرنسيون حتى تناسلت تلك المحافل في الدول الأفريقية، وفي غرب أفريقيا ظلت السنغال البلد الأكثر استقطابا للمحافل الماسونية وذلك بحكم موقعها الجيوسياسي والاستراتيجي، وقد تأسس أول محفل ماسوني في السنغال عام 1781 في سين لويس العاصمة الأولى للسنغال، وإحياءًا لذكرى النائب الماسوني بليز جانج تم إنشاء محفل آخر يحمل اسمه عام 1977، وتوجد محافل أخرى في الكونغو وجيبوتي والسودان.
النفوذ والتأثير
تمكنت الماسونية بقوتها واستيراتيجتها وتنظيمها المحكم أن تتغلغل في المجتمعات الأفريقية الهشة، المؤسسات والهياكل في كل ميادينها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
سياسيا استغلت الماسونية بعض رؤساء القارة وتسللت لتسيير شؤون البلاد واستغلال خيراتها كما ساهمت في إطاحة الكثير من رؤساء القارة والحفاظ على البعض في السلطة لتحقيق أغراضها ومصالحها وقد حدثت في أفريقيا صراعات إثنية ودينية وانقلابات سياسية حركتها أياد ماسونية خفية وخاصة في أفريقيا الوسطى.
اجتماعيا؛ هناك عدة قضايا وقوانين تساهم في فساد الأخلاق والقيم ساهمت الحركات الماسونية في طبخها وترويجها وذلك مثل الوأد والإجهاض والزواج المثلي والربا.
ثقافيا، نشر مبادئ الحرية والتحرر وبعض مظاهر الرقص والغناء الني تساهم في ترويج الانحلال الخلقي ونشرها في المجتمعات.