“الأرقامُ الصادرةُ عن الغرفةِ التجاريةِ الفرنسيةِ الإسرائيليةِ تُظهرُ أن حجم المبادلات التجارية بين المغربِ وإسرائيل يصلُ إلى أربعة ملايين دولار شهريا.”
بهذه العباراتِ، اِستهل عمر بلافريج مداخلته أمام البرلمان المغربي باسم فدراليةِ اليسار، في الجلسةِ العامةِ التي اِلْتَأَمَتْ يوم 11 ديسمبر/ كانون الأول في الرباط، على ضوءِ تداعياتِ قرارِ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نقلِ سفارةِ أميركا لدى الكيانِ الصهيوني، إلى القدس الشريف.
ربما بدتْ هذه المعلومات لبعضِهم صادمة، وربما تكون أيضاً قد سببتْ الكثير مِنَ الألمِ لمُعظمِ المغاربة، بيد أن حقيقةَ الاختراقِ الصهيوني، على الصعيدِين، الفلاحي والتجاري، وما يُسمى بالخبرةِ الفنيةِ أو التعاونِ الأكاديمي، للقارةِ الإفريقيةِ مثلاً، قد بدأ منذ مطلعِ ستينياتِ القرنِ الماضي.
ومنذ التسعينيات مِنَ القرنِ نفسه، شكلتْ ما يُنعتُ في المخططاتِ الغربيةِ “منطقة شمال إفريقيا” و”فضاء البحر الأبيض المتوسط” الميادينَ الخصبةَ لهذا الاختراق، عبر النسيجِ المدني والجامعي والإعلامي في قضايا البيئةِ والحقوقِ والهجرةِ والسينما.
وواضحِ جداً أن المعطياتِ التي تُعلنها الغرفةُ التجاريةُ الفرنسيةُ الإسرائيلية لا تهم سوى المبادلات التي تمتْ رسمياً عبر الفرنسيين. أما التي تتم أو تكون قد تَمتْ من خلالِ وسائط أخرى، وخصوصاً غير المباشرة منها، أو التي أُنجزتْ في غضونِ ما نُعِتَ بالربيع العربي، أو عبر الشركاتِ المتعددةِ الجنسيات، فلا شك أنها صادمةً أكثر.
الآن، وقد بدأ “الشتاءُ العربي”، بما يرمزُ له الغيثُ مِنْ تجددِ الحياةِ والخصبِ والعطاء، نحو الربيعِ الموثوقِ ومواسمِ القطفِ والحصاد، يمكننا أنْ نتطلعَ إلى الغرسِ الذي تبذره وتسقيه وتُنقيهِ وتقطفُ ثماره أيدينا.
في “السنوات السبع العجاف” التي مرتْ على قضيةِ فلسطين وعلى منطقتنا، صار التطبيعُ، في أحيان كثيرةٍ، علنياً، بقيادةِ النظامِ السعودي على صعيدِ الدول، وبواسطةِ محسوبين على المجتمعِ المدني/ الأهلي، وعلى النطاقِ الأكاديمي والسينما والإعلام وما تسمّى الحركةِ الأمازيغيةِ، مِنْ أكرادِ العراقِ وسورية إلى المفعولِ بهم، في سياقِ التطبيع، بالمغرب العربي.
وتبدأُ “السنوات السبع السمان”، للعبورِ نحو سنة 2025، برؤيةٍ مستقبليةٍ سديدةٍ، قِوامها إعادة بناءِ الذاتِ واستئنافِ المشروعِ النهضوي الديموقراطي التقدمي وتحيينه، وتوجيه البوصلةِ نحو الاتجاه الصحيح وقِبلةَ القدسِ. أما الرهانُ على المفاوضاتِ والمساراتِ الديبلوماسيةِ وحدها، مثلِ مَنْ يحرثُ بالدجاجةِ، إنْ ضُربتْ ماتتْ، وإنْ تُركتْ نَقَبَتِ الزرعَ والزريعةَ معاً.