إن النظام الملكي القائم على الملكية الدستورية كلّ لا يتجزّأ.. ولا يمكن فصل هيئة أو مؤسسة دستورية عن الأخرى.. كما لا يمكن اتهام جزء وتحميله المسؤولية المادية والمعنوية دون الأجزاء الأخرى..
كما أن الترابط الهيكَلي والبنيوي يجعل كل عناصر البنية متفاعلة، وينعكس تأثيرها على العناصر الأخرى.. من تعليم واقتصاد وتدبير الشأن المحلّي، وكل القطاعات من صحّة وتشغيل وفساد ورشوة، وبناء ونقل وتجهيز..
فإذا مرض قطاع من القطاعات العامة أو الخاصة تتأثر وتتداعى لها القطاعات الأخرى بالسهَر والحمّى والتهاون، والمصلحة الشخصية والأنانية والمحسوبية والزبونية..، فيجعل من الصعب، بل من المستحيل اتهام البعض دون البعض الآخر، وكذلك محاسبة البعض دون البعض الآخر. لأن عوامل التعثر كامنة في البنية كلها، وليس في عنصر أو جزء بعينه.
فالكلّ إذن مسؤول. من برلمانيين وموظفين عموميين، وحتى المواطنين لأنهم إما تخلفوا عن التصويت، أو صوّتوا عن طريق القبَلية والزبونية والرشوة والمحسوبية. والولاءات التقليدية.
كما أن تخلف الأحزاب والنقابات والجمعيات النفعية التي لا تعمل بآليات الديموقراطية، بل بالتصفيق والإجماع، وديمومة المناصب والكراسي، والولاءات للقرابة والانتفاع وتبادل الخدمات والمصالح، وسياسة واقتصاد الريع وشراء الذمم والولاءات.
كل هذا يعوق سير المؤسسات ويعرقل التنفيذ.. ويجعل من الصعب إصلاح النظام، بل الاكتفاء بأكباش الفداء والتشهير والإثارة الإعلامية والبروباغندا السياسية..
إذا مرض قطاع من القطاعات العامة أو الخاصة تتأثر وتتداعى لها القطاعات الأخرى بالسهَر والحمّى والتهاون، والمصلحة الشخصية والأنانية والمحسوبية والزبونية..
وهو ما يجعل التنمية انتقائية وغير منتجة، ولا تشمل الكل، كما يجعل الإصلاح ظرفياً وديماغوجياً، ويفتقد للجدّية والابتكار، وانتظار أحداث وظروف تُنسي الجميع الموضوع الرئيسي لصالح أحداث طارئة مثل: مباريات كرة القدم وإلهاء الجميع بتأهل الفريق الوطني أو الوداد البيضاوي.
وكذلك نزول الأمطار بالنسبة للمغرب يشكل حدثاً أساسياً لنسيان المسؤوليات والمحاسبات، ليصبح الأساسي ثانوياً وهامشياً. وانتظار قضايا قد تشد الانتباه وتشغل البال. مثل الفيزازي وفضائحه.
أو الحديث عن إمكانية ارتطام الأرض بنيزك قادم من مجرّة ناميك الخيالية. أو تنبّؤ هنود المايا بالنهاية الحتمية للكون في السنة القادمة.. أو أنّ أحد القنافذ تكلّم مثلنا وبلغتنا في جزيرة الواق واق.. أو أن شجرةً تألمت وبكت دماً في قلب مدينة الرباط لتأثرها الشديد بقطع جذعها!.. تنتشر تلك الأخبار الوهمية كما تنتشر النار في الجحيم.
هكذا تكون مصائبُ قوم عند قوم فوائد!..