الشباب ودوره في رفع الوعي البيئي

نشر الوعي البيئي بشكل عام وثقافة الطاقات المتجددة ضمن فئة الشباب يعد أمرا ضروريا وهاما للغاية، فالبيئة أصبحت اليوم هي الشغل الشاغل لكل فرد من أفراد المجتمع، فقد أصبحت محل تداول شعبي ومؤسساتي على السواء وذلك بالنظر إلى تفاقم المشكلات البيئية نتيجة التنامي السريع للمدن وإفرازات الحركية الصناعية والتعداد الهائل للسكان بما جعل معه من حالة البيئة والمناخ في الكوكب الذي نعيش فيه مهددا للتواجد البشري ومهددا لكل الكائنات الحية فيه.

يشكل الشباب في المغرب 30 في المائة من السكان وعشر إجمالي عدد الشباب في المنطقة العربية، الأمر الذي يجعل من هذه الفئة هي التي تقع عليها مسؤولية تحمل الدور الطليعي في التصدي لمشاكل البيئة والعمل على حمايتها، لأنهم -الشباب- يمثلون أهم عنصر في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة التي تحتاجها المجتمعات المعاصرة.

فكون أغلبية سكان المغرب من هذه الفئة جعل منهم الأكثر قدرة من غيرهم على القيام بالأدوار الريادية في مجال البيئة بشكل عام وكل ما يحيط بها وخاصة مجال الطاقات المتجددة التي خطا فيها المغرب خطوات متقدمة جعلت منه بلدا رائدا على المستوى الإقليمي في هذا المجال.

فوضع المغرب منذ سنة 2009 لإستراتيجية وطنية في مجال الطاقة لتأمين التزويد بها وتلبية الطلب المتزايد عليها والحفاظ على البيئة، وبالتالي الحد من الارتهان والتبعية للخارج في هذا المجال.

وهي الإستراتيجية التي تروم الرفع من حصة إنتاج الطاقات المتجددة بالمغرب إلى 42 بالمائة بحلول سنة 2020، موزعة بالتساوي بين الطاقة الشمسية (14 بالمائة) والطاقة الريحية (14 بالمائة) والطاقة الكهرومائية (14 بالمائة) هذا الأمر جعل من فئة الشباب من المعنيين الأساسيين لإنجاحها.

إذ بما أن مشاكل البيئة والتنمية المستدامة وتحقيق الأمن الطاقي أصبحت اليوم الشغل الشاغل للدولة المغربية ولكل فرد من أفراد المجتمع، فذلك يجعل من فئة الشباب أكثر فئات المجتمع تأثيرا وتأثرا بها، فالأخير من خلال ممارساته يمكن أن يضر بالبيئة، بل ذلك هو السبب المباشر إلى هذا الحد من التدهور. غير أنه في الآن ذاته بإمكانه التقليل من حدة هذا التدهور والقضاء على أهم مشاكل البيئة، إن تحصل على تكوين وإعداد مناسب  لهذا الدور خلال مرحلة تنشئته، كما أن نجاعة إستراتيجيات المؤسسات الاجتماعية التي تعنى بالشباب ومدى أهلية البرامج التي تتبعها، كلها عوامل تساعد على الأمر.

ولعل أكثر العوامل مساعدة على هذا الأمر كون المراحل العمرية الشبابية هي الأكثر تميزا بالقابلية للنمو في النواحي الجسمية والعقلية والاجتماعية والنفسية والتعليمية وإلى جانب القدرة على الابتكار والمشاركة الفعالة في كل القضايا التي تهم المجتمع بما فيها مجال الطاقات المتجددة.

إذ بإمكانهم المساهمة من خلال مشاركتهم التوعوية والتربوية وهذا بمختلف الأساليب، ولعل من أهمها الانتظام في الحركات الجمعوية مثلا. إذ “تعد المشاركة الشعبية وسيلة فعالة لتحديد أولويات التنمية البيئية بهدف الوصول إلى القرارات المثلى فيما يتعلق بالأساليب الفنية وإدماج القيم المجتمعية في العمليات التخطيطية، وتحقيق التنمية البيئية من خلال سلوكياتهم في الحياة اليومية ومشاركتهم في برامج ومشروعات التنمية على أساس الشعور بالمسؤولية الاجتماعية أو مساهمتهم بالرأي أو التمويل أو غير ذلك.

إننا في حاجة ماسة للمبادرات الشبابية في مجال البيئة والتنمية المستدامة، لأنها الفئة التي ستشكل الفارق، فالشباب هو القادرة على خلق نقاش بيئي حقيقي، وهو القادر على مواكبة واستيعاب حجم ومستوى الإشكاليات البيئية العميقة التي تعيشها البلد، وهو الأجدر على المبادرة والقطع مع سلوكات الاتكالية والانتظارية، ففئة الشباب في استطاعتها تقديم البدائل والحلول المرجوة للعديد من المشاكل والتحديات التي نعاني منها اليوم.

قد آن الأوان للتأسيس لنمط وفكر سياسي واقتصادي واجتماعي جديد، يكون محوره الأساس البيئة والأرض وتحقيق تنمية مستدامة، عن نمط وشكل تتبناه ويكون هو صلب الفكرة والمرجع عند التيارات والتنظيمات بالخصوص من الحقل السياسي.

فالتحديات والتهديدات المتزايدة التي تواجه المواطن والأرض يوما عن يوم في هذا البلد، كلها عوامل ودواعي تجعلنا اليوم قبل أي وقت آخر لمن يرعى ويكون حام ومدافع شرس عن كل ما هو مرتبط بالبيئة ومستقبل العيش في أرض هذا البلد على الرغم من أنه في الحقيقة يشكل مسؤولية الجميع.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version