لقد اعتاد الناس أن يسمعوا من العلماء والمشائخ والمفكرين الإسلاميين أن البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله، فإذا بالمفاجأة العجيبة التي ظهرت مؤخرا تؤكد على أن صحيح البخاري نهاية أسطورة!!!
وبدل الرد العلمي على صاحب كتاب البخاري نهاية أسطورة، قام بعض المفكرين المغاربة بوصفه بالجاهل والمبتدئ، وبعضهم دعا الناس إلى عدم اقتناء الكتاب حتى لا ينتج عن ذلك ربحا يعود على صاحبه الأستاذ رشيد أيلال!!.
لسنا نتفق مع صاحب الكتاب من خلال عنوانه؛ لأننا لم نطلع عليه، لكن يبدو من هذا العنوان أنه ينكر انتساب صحيح البخاري لمحمد إسماعيل البخاري الذي جمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ووضعها في الجامع الصحيح المشهور والمعروف بأصح كتاب بعد كتاب الله تعالى وبعد كتاب الموطأ للإمام مالك، رحمهما الله تعالى جميعا.
بعد اِصدار الكتاب في هذه الأيام، قرأه الكثير من الناس على اختلاف درجاتهم العلمية من طلبة وباحثين، حاولوا أن يقوموا بقراءات على الكتاب ونشروا ذلك في حساباتهم الفايسبوكية، قال الباحث الأستاذ محمد بن الأزرق الأنجري: “والله أخالف صاحب الكتاب في جوهر بحثه، ولا أقرّه على نفي نسبة الجامع الصحيح للإمام البخاري رحمه الله، لكنني لا أرضى الانتساب لصف موقف متخاذل ظالم يمثله المفكر بنحمزة والمقاصدي الريسوني..”.
وقال الأستاذ مصطفى الشنضيض: لقد وصلت إلى الآن إلى الصفحة 130 تدقيقا فيه “كتاب صحيح البخاري نهاية الأسطورة” فلم أجد فيه علما ولا منهجا، بل وجدت الأستاذ رشيد أيلال حفظه الله أغفل نصوصا ولم يحسن نقل أخرى، وأساء فهم أخرى.
ثم أضاف: أوافقه فيما ذهب إليه في 5 بالمئة تقريبا. ومازلت أشتغل بالباقي مع العلم أن كل من عرفني يعرف أنني لست من الغالين في الإمام البخاري، ولا من الجاحدين لمقامه العالي، وذلك هو مسلك النقاد منذ القدم، وأما العامة فشأنهم شأن آخر”.
كما خصص الدكتور مصطفى بنحمزة قيمة مالية قدرها عشرة ملايين بهذه المناسبة التي نُشر فيها هذا الكتاب لمن حاول أن يكتب حول صحيح البخاري دفاعا عنه وردا للشبهات التي تطرح في الساحة الفكرية.
وآخر كتب أن الباحث رشيد أيلال يشك في صحيح البخاري وهو بالسند وقريب منا في الزمن، ولا يشك في كتاب أريسطو وهو بدون سند وبعيد عنا في الزمن.. (عبد السلام أجرير).
وفي الختام يعتبر عمل الباحث أمرا عجيبا وقمة التخبط في المنهج الذي اعتمده في الكتاب، إذ أثار هذا العنوان ضجة في الساحة الفكرية بين من يدافع عن الكتاب وصاحبه، ومن يدافع عن البخاري رحمه الله.
لقد كان للمستشرقين منذ القرن التاسع عشر دور بارز في الطعن في السنة النبوية و التشكيك في مصداقيتها. و يظهر ذالك جليا في كتب اكثرهم كاشخت و جولدتسيهر ومنجانا و هاملتون و هربلو واللائحة تطول
و عند البحث و التمحيص نجد ان القاسم المشترك عند هؤلاء و المدارس الفكرية-العقلية- التي تحسب على الاسلام كالمدرسة القديمة- المعتزلة- و المدرسة الحديثة وهى العقلانية و الشيعية , هو الطعن في كتب السنة و خاصة الصحيحين.
و نلاحظ ان الاحاديث المنتقدة عند هذه المدارس هي نفسها عند المستشرقين سالكين مسلك التضليل و التلبيس و الكذب.
و الذي ينظر في كتاب هذا الرجل يجد ان معظم كلامه منقول من هؤلاء و لم ياتي بجديد, وان كل شبهه قد اجاب عنها العلماء منذ زمن وهي مشهورة ومنشورة
لكنني مع ذالك سأرد عليه حتى لا يتوهم انه قد بلغ مبلغه وحصل له مراده.
و الجواب عنه من وجهين
الاول وهو من ناحية الشكل و الثاني في المضمون
فأما من ناحية الشكل فالجواب في مسألتين اولهما معرفة حقيقة هذا الرجل الذي يدعي انه يدافع عن القران حيث يقول ان الحديث – و يصفه بالآفة – قد شغلنا عن القرآن.
و هنا اتوجه الى من يعرفونه حتى يبينوا لنا حاله.
هل هو فعلا من اهل القرآن؟
هل يحفظ القرأن؟
ماذا قدم للقرأن و أهله؟
فإذا تبين انه من اهل القرآن أجبناه من القرآن
و ان كان على خلاف ذالك-اي أنه ليس من آهل القرآن-و قد تبين لنا انه ليس من اهل السنة لأنه ينكرها صراحة, فعندئذ علمنا أنه من عملاء الإستشراق و سنجيبه بما يحب اي بالعقل , لكن بعقل من ؟ ابعقله هو او بعقلي انا ؟ او بعقل نصراني او بوذي او ملحد ؟ ومتى كان العقل حاكما على الدين؟ وهل كل العقول تعقل نفس الشيئ ؟ فتراه مثلا ينكر بعقله حديث سجود الشمس , وهنا يتبين جهله و مستواه و انه ما قرأ الحديث و لا القرآن , ولو انه قرأ القرآن ولو مرة واحدة لوجد الكثير من الآيات التي تتحدث عن سجود الشمس و القمر والنجوم
و لما سآلت عن مستواه العلمي وجدت انه لا شيئ له و لا يملك و لا شهادة واحدة و قد يعذر المسكين على جهله لاكنه لا يعذر على تملقه و تكلفه مالا علم له به
و قد يتساءل القارئ ولماذا تقدحون في شخصه؟ فنقول ولماذا يقدح هو في شخص البخاري ويحقره و يقول أنه فارسي ؟ و لتعلموا اولا ان البخاري رحمه الله ليس فارسيا و إنما هو من امارة بخارى الموجودة حاليا في جمهورية ازبكستان و التي كانت من اهم مراكز العلم في القرون الأولى كقرطبة و فاس و بغداد
و تراه ايظا يرد احاديث كثيرة و منها حديث- امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إلاه الا الله- ولم ينتبه الى الاية التي بدأ بها البخاري الباب و هي الآية رقم خمسة من سورة براءة و التي هي بنفس معنى الحديث
و المسألة الثانية تتعلق بمنهجية الكتاب حيث نجده يفتقر الى أدنى معايير التحقيق و البحث و الضبط . فمثلا نجده يسرق عشرات الصفحات و لا يبين حتى المراجع , و تراه ايضا ينقل كلاما خطيرا و لا يتحقق من صحته , كما انه ايضا كثيرا ما يستعمل كلمات فضفاضة لكي يوهم القارئ بصحة كلامه , فتراه يقول و مع هذا الكم الهائل من الادلة و هو لم يأتي بدليل واحد في الموضوع .
و أما من ناحية المضمون فالجواب عنه ايضا في مسألتين
الاولى وهى ان أغلب تساؤلاته عبارة عن شبه قديمة منقولة من المستشرقين و عملائهم من أبناء جلدتنا الذين فضلو توجيه اقلامهم و سهامهم ضد الامة و تاريخها و هي انقادات باطلة يردها حتى الصبيان من المسلمين .
فترى الرجل ينكر حفظ الصاحبة والتابعين و الحفاظ و يقول كيف يمكن للبخاري حفظ مأتي ألف حديث او تحقيقها او التثبت بصحتها -وهنا نقول له- وهل تنكر على الطفل الذي حفظ القرءان و هو دون الرابعة؟
و هل تنكر على الذين يحفظون القرآن و الكتب الستة و هم دون السادسة عشر؟
وتحت عنوان اختلاف نسخ صحيح البخاري يقول الرجل ان هذا لمن البراهين القوية التي تدل على ان البخاري لا علاقة له بهذا الكتاب
فلاحظوا كيف يدلس و يدعي قوة الدليل و هو لم يأتي بجديد و لا دليل سوى انه اقتطع هذه الجملة من كتب اهل العلم الاقحاح الذين اعتنوا بكتاب الصحيح وبينوا الاختلافات التي وقعت من النساخ عبر الازمنة و التي هي -عكس ما يضن الرجل -دليل حي على تواتر هذا الكتاب و كثرة انتشاره و شهرته عبر الاجيال
و ليعلم القارئ ان اكثر مخطوطات المسلمين قد احرقت و نهبت من طرف المستعمرين و المستشرقين , و لقد احرق الماغول كل المخطوطات التي كانت في بغداد, واحرق نابوليون مخطوطات الازهر كما أحرقت مكتبة طرابلس و قرطبة و الائحة تطول
لكنهم لم يؤثروا على استمرارية الاسلام لان العلماء كانوا يحفظون في الصدور قبل السطور و مع ما بقي من المخطوطات التي كانت في بيوت العلماء
واما المسألة الثانية فتكمن في بعض التساءلات المشروعة – كلمة حق اراد بها باطل- التي يجب على كل مؤمن ان يعلمها حتى يكون على يقين وقوة ايمان .
و هذه التساءلات قد نبه عليها فحول العلماء عبر العصور و أجابوا عنها بما يشفي الغليل.
فمن الامثلة على هذا نجد اهتمام الأوائل بمعرفة حالة الرواة ضبطا و عدالة و كذالك اتقان الحفظ , لان العلوم تنقل وتحفظ في الصدور اولا قبل السطور-خاصة في القرون المتقدمة حيث لم تتوفر وسائل التدوين والكتابة-فكان معظم العلماء حفاظا.
و من الشبهات ايظا قولهم يكفينا كتاب الله- وهو لا يحتاج الى غيره – فنقول لهم لقد امرنا الله في القرآن بالصلاة, فكيف ستصلي؟
و امرنا بالزكاة و الحج, فكيف تزكي و تحج ؟
وهنا يتبين اهمية السنة النبوية و كونها شارحة للقرآن كما يتبين استحالة الاستغناء عنها.
بل نقول من انكر السنة فلا نصيب له في الاسلام.
وختاما -حتى لا اطيل – اقول لهذا الرجل و لآمثاله.
اتق الله- ان كنت مسلما حقا- يا رشيد و عد الى المنهج السديد وابتعد عن المستشرقين و التقليد وابتغ الحق عند اهله لا عند العنيد و لا تنسى الوعيد فتشرب من الصديد .
اخيرا لقد هاجم كتاب البخاري من هو اعلم منكم و ذهبوا هم وكتبهم وبقي البخاري و صحيحه, و ستذهبون انتم و ما كتبتم و سيبقى البخاري و صحيحه , وصدق الله حين قال –فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ- وآخر دعائنا الهداية للجميع
انا من اهل القرآن ؟ ما هي اول ايه نزلت تبعا للبخاري ؟ وايهم كذب ؟ الرواة ؟ ام خيار اخر ؟!
انت تدافعون عن الباطل .. لعنة الله على الكاذبين