جميل أن يكون لك صديق تبثه فرحك وهمَّك ويشاركك مختلف اللحظات. لكن هل يختلف الأمر باختلاف جنس الصديق أم أن الأمر هو شيء عابر يرسم الشخص ضوابطه وحدوده؟
رُبما يكون للمجتمع أو أفراده وجهة نظر، ورُبما أيضاً للفن والمفكرين والفلاسفة وجهة نظر أخرى.
يعلق الكاتب، ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية، الدكتور “عادل عامر” على مبدأ الصداقة بين الجنسين، قائلاً: إن الأمر تحكمه كثيراً تصورات المجتمع وتراثه الفكري، “فبخلاف المستوى الفكري والتعليمي، فإن التربية الاجتماعية تلعب الدور الأكبر في تحديد شخصية الإنسان وأفقه المعرفي”، أو نموذجه الإدراكي، بتعبير المسيري، وهو ما ينطبق على فكرة الصداقة بين رجل وامرأة بطبيعة الحال.
فبالنظر إلى أن التربية الاجتماعية في مجتمعاتنا الشرقية “تقوم بالأساس على العامل الديني.. فإن أي ظاهرة في المجتمع أو أي حالة ستكون خاضعة لمقاييس وقيم دينية بالدرجة الأولى، ثم لمقاييس القيم الإنسانية بالدرجة الثانية، ومن هنا يمكن القول: إن الصداقة بين الرجل والمرأة في مجتمعاتنا هي من الحالات التي لا يمكن إيجاد مكان لها بين طيات الشريعة الدينية، ولن يكون لها أي أساس أو مبدأ تربوي”.
إذاً هذا ما أقرّ به أحد مفكري الوطن العربي طبقاً لما نشره الأستاذ “سامح عوده” بموقع ميدان.
لكن بجمع وجهات النظر لبعض الشباب والبنات في مجتمعنا الجامعي، وُجدت بعض وجهات النظر المخالفة لنسردها أولاً ثم نقول نسب الاتفاق معها وتعارضها.
وجهة النظر الأولى
“يمكن التعامل، ونتاج صداقة مع شخص من الجنس الآخر، لكن ليس بالنظر له كونه رجلاً أو امرأة بل لكونه إنساناً له من طيب الأفعال الكثير، مما يثبت صحة نيته وحسن خلقه، ويجيز له أن أجعله صديقاً له جزء من حياتي”.
وجهة النظر الثانية
وكانت من نصيب الشباب “الذكور”
“يرى الشاب أنه نعم لِمَ لا يكون لديه صديقة تساعده وتعينه في تجاوز مشكلاته الخاصة؟! ومن جانب يفعل معها الأمر ذاته؛ لكن بسؤاله هل ترضى لزوجتك أو أختك فعل ما تفعل؟ فإذا به يطرح تساؤلاً لمَ لا تتحدث إليّ؟ أنا هنا بجانبها ما الذي يجعلها لشخص آخر تحكي إليه وتبثه همّها؟
ولنكن أكثر عدلاً فليس الجميع من الشباب “ذكور” يرى الأمر هكذا، بل إنه يرى أن طالما لم يتجاوز حداً معيناً فلا بأس به، فمثلاً عندما يجمعهم العمل فهو يكون بعض الصلات الطيبة ويشكل شيئاً يشبه الأخوة الخالصة، فلا يضطره الأمر للنظر إليها بصورة غير صورة أخته وفقط”.
ومع طرح نسب التصويت لتأييد فكرة الصداقة بين الرجل والمرأة بين شباب من الجنسين تتراوح أعمارهم بين 20 و35 سنة، فبين كل عشرين شاباً، يوجد شابّان مؤيدان لفكرة وجود صداقة مع الجنس الآخر، والبقية ترى الفكرة مستحيلة، بسبب الضوابط الدينية والاجتماعية، وبين كل عشرين فتاة هناك ست فتيات يؤمنّ بوجود صداقة، ولا بأس من وجود ذلك الصديق طالما لم يصدر منه ما يؤذيها.
لكن هل هذا ما اتفق معه “ستيف هارفي” الكاتب والممثل الأميركي المعروف في إحدى مقابلاته على تلفزيون الـ”BBC”؟
طرحت عليه مقدمة البرنامج تساؤلاً: “هل لديك صديقات من النساء؟”؛ لينصدم الجميع بالإجابة: “لا كل أصدقائي رجال مثلي ليس لديَّ أي صديقة امرأة”.
فتحاول المذيعة معرفة السبب، فتتساءل: “هل زوجتك السبب؟”، يجيبها: “نعم زوجتي ولأنني أرى أنه لا مجال لمرافقتي سيدة إلا الزواج”.
تحاول المذيعة الاستيعاب فيشرح لها الأمر بإسقاطٍ عليها: “أنتِ امرأة جميلة وجذابة ولديكِ أصدقاء من الرجال.. رُبما لأنّكِ أردتِ أن يكون فقط صديق لكن بمجرد فتح الباب لما ينوي أو يتطلع إليه بنظرته لكِ كامرأة فانظري للألعاب النارية احتفاءً بذلك”.
وفي نفس الحال بفيلم (When Harry Met Sally)؛ تسأل “سالي” صديقها “هاري” بمشهد الرئيس الأميركي: ألسنا أصدقاء؟ ليفاجئها باستحالة الموضوع، فحتى إن كانت هي لا تفكر هي في الجوانب العاطفية بين الرجل والمرأة، هو سيفكر وسيكون الأمر دائماً حاضراً في ذهنه.
لذا علينا أن نعترف بأن الانجذاب أمر لا يخضع للفصال، ما دُمنا نحيا على هذه الأرض.