إن الحديث عن تسليم المشعل للشباب الذي لطالما سمعناه في الآونة الأخيرة خاصة خلال العشرية الماضية، من طرف بعض الأحزاب التي تنشط على الساحة السياسية في الجزائر، قد أصبح نوعا ما شريطا قديما، لأن هذا الحديث يبقى مجرد كلام ما لم يطبق على أرض الواقع، والشباب أصبح محبطا من هذا الكلام وطال انتظارهم للفرصة الموعودة ولم يتحصلوا عليها ولا يزالون يبحثون عنها.
تسليم المشعل للشباب، تحميل الأمانة للجيل الصاعد، كلها عبارات وغيرها ذكرها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في خطابه من مدينة سطيف عام 2012، واختصرها في كلمة “طاب جناني”، معناه أنه لم يعد قادرا على التسيير والإدارة ولابد من إعطاء الفرصة للآخرين..
لكن هذا الخطاب يبقى مجرد كلام؛ فسيادة الرئيس لا يزال على رأس الحكم في الجزائر، هذا من جانب السلطة، أما من جانب الأحزاب خاصة التي تدعي أنها معارضة، فإنه لمن دواعي الغرابة أن تدعو تلك الأحزاب السلطة أن تسلم المشعل للشباب في حين أنها مهملة في تطبيق ذلك في مؤسستها السياسية (الحزب).. والأولى بهذه الأحزاب أن تبدأ بهياكلها من باب “أصلح نفسك وادعو غيرك”.. ومثال بسيط من الواقع يعبر عن هذه الحالة هو حينما تدعو أحدهم لممارسة الرياضة وأنت لا تمارسها أبدا فهذا يعد أمرا غريبًا.
صحيح أن حماسة الشباب واندفاعهم زائدة نوعا ما، وبما أننا ننادي بتسليم المشعل للشباب لا يعني أننا نريد إقصاء الكبار والشيوخ، أبدا، فهم الأساس في مختلف القرارات والمشاورات بفضل خبرتهم وتجربتهم وحنكتهم.. فلو عدنا قليلا للتاريخ، منذ القدم ومنذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم نجد أن الصحابة رضوان الله عليهم الذين كانوا محاطين بمحمد عليه الصلاة والسلام، معظمهم من الشباب لم يتجاوزوا العشرين والثلاثين من العمر لكنهم قادوا فتوحات عظيمة قدمت النصر للإسلام والمسلمين لكن كان قائدهم محمد صلوات ربي عليه، وكان سندهم القرآن الكريم وناصرهم الله عزوجل.
وليس ببعيد عنا فتاريخ الجزائر الحافل شاهد على ذلك، ويكفي أن نذكر دور الشباب والطلبة في اندلاع ثورة نوفمبر المجيدة، حيث لب الشباب نداء الوطن وحرروا هذه الأرض الطاهرة وقدموا لها الغالي والنفيس وسقوا بدمائهم هذه الأرض الطاهرة، واستشهدوا من أجل أن تحيا الجزائر.
إن الوضع الحالي الذي تمر به بلادنا يتطلب مرافقة الجيل الحالي من الطلبة والشباب ودعمهم، والاستماع لطروحاتهم وأفكارهم بعيدا عن المصالح الضيقة، ولهذا نقول أن حماسة الشباب لابد أن تؤطرها حنكة الشيوخ.