رأسى مُثقل بالكثير والكثير من الأفكار والأحلام الحنين وبواقي الذكريات، رأسى يؤلمني كثيراً حتى أنني أصبحت استيقظ من نومي بسبب هذا الألم، وما عدت أجد له علاج أو سبب وما عاد بإمكاني اعتياد الأمر؛ فقد نفذت قواي ووهنت، ما عدت أقوى على الألم والحزن وكل هذا الضيق الذي ملئ أيامي رغماً عني..
أُفكر ملياً، لو كنت هنا يا عزيزي، أكنت سأشعر أني بخير وأن كل شيء سيكون على ما يرام، أكنت سأقوى على تحمل تلك الآلام، أكان بإمكاني أن اتكئ عليك، أو أن أريح رأسي المُثقل قليلاً على كتفك، ثم يسقط كل هذا عن كاهلي سهوا مني، أو لعلي وعيت لسقوطه، ولم أنتبه سوى لبسمة صغيرة ارتسمت على شفاهي، بسمة لا تحمل من الخبث واللؤم شيء بقدر ما تحمل من الاشتياق للشعور بالارتياح ولو للحظة.
لو كنت هنا أكانت ستغدو الحياة سهلة يسيرة، وإن لم تكن، فأنا لا أريدها سهلة مملة فقط؛ أريدها بسيطة تمنحني شيء من السكُون، شيء يشبه إحساسك حينما تدخل محراب الصلاة فتهدأ روحك ويسكُن كل شيء.
أفكر وأفكر لو كنت هنا أكان بإمكاني أن أشعر بالأمان والدفء بين يديك، أملك من الملابس الثقيلة ما يدفئ دب قطبي لكني مازلت أشعر بالبرد والخوف..
أتعلم شيء عن برد وخوف الشتاء، عن الشوارع المظلمة الخالية من كل شيء سوى الخوف والبرد والوحشة؛ فأنا يا عزيزي أشبه تلك الشوارع كثيرا، وحيدة لا تجد من يؤنس وحشتها، ومظلمة وحزينة بوسعك أن تلمس حزنها بمجرد مرورك بها أو يكفيك النظر إليها، لكن بوسعها أيضا أن تصبح مأوى دافئ وآمن لبعض الرفقة الشاردين مثلها يمكنها أيضا أن تمنح العاشقين سبب للاحتضان الشوارع في ليالي الشتاء، إما أن تصيبك بالشجن أو تصيبك بالأنين..
لا أدرى ماذا سأفعل الآن؛ فالشتاء قادم وسيتضاعف كل ما أشعر به.