كثير من الناس يعيشون بين عالم من الفكر الواقعي وعالم من الخيال الإبداعي والبعض ينجح في تحقيق أفكاره وإبداعاته والبعض يعيش ويكون أسير أوهامه الخيالية.. لا شك أن الفكر الإنساني هو ما يشكل واقع الحياة ومدى تطورها وتقدمها، كما يعلم الجميع أن الإنسان ما هو إلا أفكار حيث أكرمه الله سبحانه وتعالى وميزه بالعقل والتفكير على سائر مخلوقاته.
وإذا نظرنا إلى حياة الإنسان، نجد أنها تتشكل بالأفكار، حيث يرتب الإنسان أفكاره لاختيار مستقبله، والعمل الذي يرغبه، ونوع الدراسة التي يحبها، ومحاولة إثبات الذات. كل ذلك ينبع من فكر الإنسان وشعوره بذاته.
وإذا نظرنا إلى الآليات التي يضع الإنسان بها أفكاره نجد أنها تتمحور في المؤسسات الاجتماعية وتتمثل في المنزل ودور العبادة، والمؤسسات التعليمية، وتتمثل في المدارس والجامعات، والمعاهد، والمؤسسات الترفيهية والأندية، وتتمثل في الإذاعة والتلفزيون والإنترنت، والمؤسسات الثقافية، وتتمثل في المكتبات.
وإذا كان بناء هذه المؤسسات بناءً سليماً، فسوف تسهم بالتأكيد في بناء قويم للإنسان، وإذا فسد بعض منها، أفسدت الإنسان بدورها بمقدار ما يتعرض الإنسان لكل منها. ولذلك وجب على المجتمع أن يتابع دائماً تلك المؤسسات.
يجب عند التعبير عن الأفكار، وعند التجديد، التعبير في لغة قويمة، وتعبيرات تبتعد عن الإسفاف اللفظي، أو التملق لمسؤولين أو رؤساء، أو الخروج عن آداب اللياقة العامة والتقاليد المجتمعية المتبعة.
ويؤكد الكثير من العلماء أن الإنسان يظل في حاجة إلى تجديد الوعي الفكري حتى يتمكن من بناء أفكار جديدة، حيث إن الإنسان يمل من تكرار الأفكار، ويظل في حاجة إلى تجديد الأفكار، ومع تجديد هذه الأفكار يتمكن من تطوير المجتمع المحيط به. ولأن المشكلات تتجدد باستمرار، وتظهر في أشكال جديدة، فلابد أيضاً من التعامل معها، وابتكار أفكار جديدة، والوصول إلى أساليب جديدة.
وهناك شروط عند تجديد الوعي الفكري للإنسان، يأتي على رأسها البعد عن التنابذ والتعصب، وإعمال العقل والعلم، وعدم إثارة الفتن والبلبلة، وأن يستمع الجميع لبعضهم البعض، الرئيس والمرؤوس، والغني والفقير، وصغار المسؤولين وكبارهم، والتدقيق في الأفكار ذاتها.
كما يجب أن تطلق أفكار التجديد الفكري في جو من الصفاء، والمحبة والأمان، وتجنب الخلافات، والحرص على المصلحة العامة، وألا يكون من هذه الأفكار أهداف خاصة، بل تسير جميعها في ركب خدمة المجتمع. التي هي ركيزة هذا الوطن.
كما يجب عند التعبير عن الأفكار، وعند التجديد، التعبير في لغة قويمة، وتعبيرات تبتعد عن الإسفاف اللفظي، أو التملق لمسؤولين أو رؤساء، أو الخروج عن آداب اللياقة العامة والتقاليد المجتمعية المتبعة.
وعند تجديد الوعي الفكري، يجب أن يتم ذلك وفق منظومة متعاونة من التربويين والمفكرين، حتى تخرج الأفكار المتجددة بأقل قدر من الأخطاء، حتى يسهل انتقاء ما يشوبها من شوائب، وتخرج في أقرب صورة للصورة المكتملة لأن حياة الإنسان لا تحتاج إلى كبوات، ولكن إلى السير في طريق صحيح مستقيم وبخطى سريعة، لأن العالم لن يقف لينتظرنا، بل علينا أن نسرع لنعوض ما فاتنا، ونوازي العالم في مسيرته وتقدمه، وعندنا من الإمكانات الفكرية ما يتيح لنا ذلك.
إن الغرب لديه كل يوم مفاهيم جديدة، لأن لديه أفكاراً جديدة، ويعملون وهم يفكرون دائماً في التطوير، لا ينفذون ما يملى عليهم دون إعمال العقل والتفكير.
إن القلة القليلة من الناس عندها أهداف عالية وتستطيع تحقيق أهدافها، أما الغالبية العظمى فتشتكي من الإحباط والزمن والظروف القاهرة التي لا تمكنها من الوصول إلى ما تريد، وتكثر من التحسر: لو كانت أعبائي أقل، لو ازداد دخلي، لو كذا وكذا لفعلت كذا وكذا والنتيجة لا شيء. وصدق من قال: إن المخفقين ماهرون في اختراع الأعذار والمسوغات، أما الناجحون فماهرون في اختراع الحلول والبدائل.
علينا أن نبتعد عن مبدأ “ليبدأ غيري”، ولكن على كل إنسان يستطيع أن يجدد ويطور أن يأخذ زمام المبادرة في إطار ما قلناه من قواعد فكرية لازمة. تساعده على رسم طريق المستقبل له وللأجيال القادمة..