يُعد جامع عقبة بن نافع أو جامع القيروان الكبير في القيروان تونس من أبرز ما جادت به العبقرية الإسلامية التونسية عبر العصور. كما يُسمى أيضا مسجد الأغالبة.
فالمسجد من أجمل وأروع مآثر الحضارة الإسلامية على مر التاريخ.
وقد صاح الرسام العالمي بول كيلي من أعلى صومعته قائلا ”الآن صرت رساما” وذلك لدهشته من روعة هذه التحفة المعمارية الضخمة.
ويعتبر جامع القيروان من المعالم القليلة في الدولة التونسية التي حافظت على شكلها العام وبنيتها الأساسية.
تاريخ تشييد جامع عقبة بن نافع
أسس هذا المسجد العريق الصحابي الجليل عقبة بن نافع في أواخر القرن الثامن الميلادي، عندها لم يكن المسجد بهذه السعة التي نراها اليوم، وذلك لأنه خضع للعديد من حملات التهيئة والتجديد والتوسعة على مر العصور، كان أكثرها في العهد الإسلامي تحت اسم دولة الأغالبة، وهذا يفسر تسمية المسجد في بعض الروايات مسجد الأغالبة.
لقد سلمت بيت الصلاة في جامع القيروان من الكوارث الطبيعة والبشرية المدمرة.
وحافظت على كنوز قيمة قلما تجتمع في موضع واحد، من سقوف خشبية متينة، المنبر المحراب المقصورة وقبة المسجد.
يتميز بيت الصلاة بشكل مستطيل منحرف يصل عرضه إلى 70 مترا، فيما يتجاوز عمقه 30 مترا وهي أكبر بيوت الصلاة في إفريقيا في العصر الإسلامي المبكر.
ويعتبر بيت الصلاة أول ما بني في جامع عقبة بن نافع، ثم تم إضافة الصحن وخزانات المياه، ولم يتغير شكل الجامع إلى يومنا هذا باستثناء بعض التعديلات البسيطة التي توثقها النقوش المعمارية الدينية في ثنايا المبنى.
- رباط سوسة (قلعة الرباط).. معلم أثري وسياحي يقصده السياح من كل دول العالم
- 8 بحيرات في دول المغرب الكبير.. وجهات سياحية ساحرة عليك زيارتها
- بالصور: مسجد ابن خيرون.. تحفة تاريخية شاهدة على عراقة مدينة القيروان التونسية
- بالصور: قصر النجمة الزهراء بتونس.. تحفة تاريخية تزين سماء مدينة سيدي بوسعيد
- بالصور: المتحف الوطني باردو بتونس العاصمة.. أكبر المتاحف التونسية وأجملها على الإطلاق
جامع عقبة بن نافع.. قلعة عسكرية محصنة
للمسجد شكل القلعة العسكرية المحصنة التي تكتنفها الأبراج والعضائد من دون أي تناسق أو انتظام إلا انه يبدو منسجما ويعبر عن الهندسة المعمارية القيروانية الممتدة لأكثر من ألف سنة.
يصل طول المسجد إلى 125 مترا، فيما يبلغ عرضه 70 مترا، ويتجاوز ارتفاع بيت الصلاة 10 أمتار.
ويتعدى ارتفاع المنارة 30 مترا، وقدر البعض الطاقة الاستيعابية للمسجد بحوالي 3000 مصل.
وتتميز القبة الأكبر في المسجد والمعروفة بباب البهو بـ32 سارية من بديع الرخام ذي النقوش الغريبة والزخارف العجيبة، يشهد كل من زارها بأنه لم يرى مبنى أجمل منها من قبل.
بإلإضافة إلى مجموعة من القباب ذات طراز معماري بديع, تظهر مدى قدرة الفنان على إخراج هذه الأشكال المعمارية.
فيتصدر الضلع الجوفي من الصحن صومعة المسجد، بأبعاده الهائلة وهندسته البسيطة، وتعود نسبتها الكبرى إلى الخليفة هشام بن عبد الملك.
ونجد في كتب المؤرخين مقولة أنه تم بنائها على الماء وهذا تعبير مجازي للدلالة على عمق وقوة أساسات هذه المنارة الضخمة.
ويضم الجامع 570 عمودا وتاجا تم جلبهما من الرومان والبيزنطيين والمدن المجاورة كمدينة قرطاج.
بيت الصلاة
إن أول ما يلفت نظر الزائر عند دخول بيت الصلاة هي ثريات المسجد الكبيرة ذات الشكل المخروطي، والمصنوعة من النحاس.
تحمل هذه الثريات مجموعة كبيرة من المصابيح الزيتية، والتي تم استبدالها بالمصابيح الكهربائية في وقتنا الحالي.
يعد منبر جامع القيروان أقدم وأعرق وأبدع المنابر التي سلمت من هوالك الدهر، وتم صناعته بالعراق كما تؤكد المصادر التاريخية.
كما يضم صحن جامع عقبة بن نافع ساعة شمسية وتعد هذه الساعة من أقدم الساعات في القارة الإفريقية.
وحرصت إدارة المسجد على وضعها في الخارج حتى يتسنى للزائر رؤيتها بشكل واضح.
ويضاف إلى تراكيب المسجد المواجل وهي صهاريج مغطاة بأقبية محمولة على عقود، وتوجد 3 مواجل تصل حمولتها إلى 900 متر مكعب، وتسهم في حل معضلة الماء التي كانت تعاني منها المدينة نتيجة افتقارها للماء.
السياحة في القيروان
لم يحظى معلم تاريخي في مدينة القيروان باهتمام السياح والدارسين كما حظي به جامع عقبة بن نافع.
إذ أن بعثات السياح والطلبة تكاد لا تتوقف إليه، حيث يشكل هذا المعلم مادة خصبة لمن يهوى الغوص في أعماق التاريخ وتأمل الدروس والعبر منه.
5 تعليقات