لعله لم يكن في حاجة للقراءة بقدر ما كان يحتاج إلى الكتابة. عقله المشتت، شعوره بالأرق، أفكاره التي بدأت تتدفق دفعت به لأخذ صديق دربه “قلمه “من درج مكتبه.
هذا القلم الذي ما فتئ يعبر عن أرائه، مواقفه ورغباته. إنه في كلمة واحدة ملاذه الوحيد. خاطبه قائلا “يا رفيق الدرب أنا في حاجة إليك، تعترني رغبة جامحة للكتابة”.
إن شعوره بالقلق مثل له دافعا رئيسيا للكتابة. لكن ما الذي أراد وبشدة أن يخوض غماره؟ ما الذي سعى إلى تحليله، طرحه ونقده؟
جل هذ التساؤلات تبادرت إلى ذهنه، سعى إلى أن يكون تناوله للموضوع المزمع طرحه مغايرا، غير معتاد. ارتأ أن تتجسد أفكاره في قصيدة، محاولة شعرية تضفي طابعا إبداعيا على طرحه للقضية. أراد وبشدة التعبير عن علاقة المثقف بالمجتمع عموما والسياسي خصوصا. فما كان له إلا أن وضع مستشاره الحكيم على دفتر أفكاره، لتكون هذه بداية:
قلم انتقد الاستبداد، حارب الاستعباد
حبر فتح الآفاق، سحق الأطواق
أشاد بالحق، ندد بالرق
خطاب سحر الفكر، مهد لما هو مرتقب
في زمان يكاد يندثر، أمام مجتمع مغترب
*****
ازدهر عهد الحريات،
قلم أنار كهف الظلمات
حرر العقول من قيود الانتهاكات،
قلم انتشل الفكر من التعسفات
واجه القمع والتهميش،
مثقف أراد ان يعيش
في زمان ارتأ فيه التغير،
لواقع يحتاج التحرير
غرس بوادر التمرد،
ضد نظام قمعي، مستبد
أغار عليه المحارب، الملتزم،
بفكر ناقد، محكم
*****
قمع، استبداد، تعسف، فانتقام
كان ذاك رد السياسي المنهزم
فما كان للمجتمع إلا أن يثور،
انتقاما للمفكر، المنتصر
بقلم أفاض كأس النقمة،
ضد السياسي المحتضر
فما كان له إلا أن ينتظر،
جزاء فعله المتكبر
خلف عرشه استتر،
عمله السلطوي الغادر
أما كان له أن يغير،
نظامه الردعي، الجائر
انتهى عهد المغتر،
لتبزغ شمس المنتظر
************
شمس أنارت دربا، بددت غيوما
انقشعت ظلمة الاستبداد،
بقلم شجاع، مقدام
فكان له ما أراد،
أن أطاح بالظلم المعتاد
استفاق الوعي النائم،
من سباته المطول
ها قد حل زمان الحريات
فلا مجال لعودة المستبد الجائر