عزيزتي: حلمتُ الأمس بلقاءِك، ذلك اللقاء الذي طالما انتظرته طويلًا، حلمتُ أننا جالسان على جسر نهر لم أره من قبل، الأشجار تحيط بنا من كل جانب، كنتي كعادتك جميلة، بشعرك الذهبي اللامع يكاد يلمس الأرض من طوله وعيناكِ الواسعتين تخفيان سر الكون، تبتسمين فتتفتح الأزهار من حولنا ويخفق قلبي مضطربًا.
كنت أود يا عزيزتي لو خُلقنا في زمن آخر، زمن مختلف، زمن “قيس وليلى” أو زمن “كليوباترا وأنطونيوس”، نغيّر التاريخ ونرسم انتصارنا على الماء، يكتبون أشعارًا عنّا وعن حُبنا، عنِك وعن جمالك الأسطوري، ننتصر ونحكم العالم وتظل أسطورتنا خالدة أبد الدهر.
أكون “قيس” وتكونين “ليلى”، تكونين لي وأكون لكِ، نهرب إلى أرض بعيدة لا يجدنا فيها أحد، نعيش حياة بدائية نمارس فيها الحب بالفطرة، أكتب معلّقتي لكِ وأذيلها باسمك بحروف من ذهب، ليقرأها العاشقون حتى آخر أنفاسهم.
عزيزتي: عقلي لا يكف عن التفكير فيكي، لا أتوقف عن رسم أشكال لحياتنا معًا، تعرفين أنني ثرثار مع جميع البشر إلا أمامِك، تقف الكلمات على لساني وأعجز عن وصف عشقي لكِ، ولكن أفلح؛ من قال أن للصمت لغة أصدق من الكلام أحيانًا.
أحلم دائمًا بدنيا خالية من الموت، خالية من القسوة، حياة بدون قتل أو منع أو تحريم، بدون ظلم وفقد، حياة ينتصر فيها الحب والسلام دون تراچيديا النهاية، لكن الواقع يستطيع إيقاظنا في كل مرة، يُحبطنا ويكسر أحلامنا دائمًا في المنتصف، تضيع الرؤية ويموت الخيال.
لكني أقول لك يا عزيزتي، بكل صدق وثقة، إذا كان الواقع يرفض الاستجابة، إن كان يأبى التغيير، فإننا معًا، جنبًا بجنب، سنعلّمه الانحناء.