ستصدرُ قريباً مجموعة قصصية بعنوان “حربُ البقاء”، عن دار المناهج للنشر والتوزيع.
من هو صاحب هذا العمل؟
هو سفيان البراق، طالب جامعي السنة الثانية شعبة الفلسفة بمدينة الدار البيضاء، من مواليد 18 نونبر 1998، ويَنحدرُ من منطقة “هوارة”، نواحي مدينة أكادير. كاتب مغربي، لديه عدة مقالات وقصص قصيرة في مواقع إلكترونية، وجرائد ومجلات ورقية.
ماذا تعني الكتابة بالنسبةِ لهُ؟
يعبِّر سفيان البراق عن موقفه من الكتابة، حيث أعطى تعريفا فلسفياً لها قائلا: “الكتابة لحظةٌ ميتافيزيقية، تأخذك إلى متاهاتٍ منيرة، فإنْ لم تكتُب فإنَّك ستقتلُ شيئاً بداخلك”. الكتابة عنده هي لحظة انعزال وانطواء على نفسه، إذْ لا يكفُّ عن الكتابةِ إلاَّ نادراً.
يعرفُ “سفيان البراق” الكتابة أيضاً: “الكتابةُ، سريرٌ لقيلولةِ الزمان، طريقٌ لأَحْصِنَةِ الريح في الذكرى، ومَكانُ المُطْلَقِ في اللاَّمَكانْ. الكتابةُ كرسيُّ اعترافٍ للقادِمينَ من حروب المَاضي بالسُّؤالِ المُرِّ مُثخَنين أو بالزُّمُردِ حُكماء مُتوَّجين”.
كيف اكتسبت الكتابة؟
لا يمكنك أنْ تكتب إذا لم تكن تقرأ، فأول بذرة تُزرعُ في الكاتب، هي بذرةُ القارئ، لأنَّ بالقراءة تكتُب. أنا لم أكتب ولو سطر قبل دخولي الجامعة، لأنَّ مجالي القروي لم يسمح لي بالقراءة نظراً لانعدام المكتبات، ومراكز المطالعة. فكرة الكتابة لم تبدأ إلا في شهر فبراير من السنة الفارطة، وفي مدينة الدار البيضاء وجدتُ أشخاصاً قدموا لي كثيرا الدعم المعنوي، وتشجيعاتهم كانت مساندةً لي.
ما هو موضوع هذا العمل؟
كتبتُ “حربُ البقاء” بعد حربٍ طويلةِ الأمد مع الحياة، لم أختر العنوان اعتباطياً، بل اخترتهُ لأنَّ كل واحدٍ منا يعيش في حرب سواءٌ مع الفقر، المرض، الحب، المحيط الاجتماعي..
وتتكون حربُ البقاء من اثنتي عشرةَ قصة، يختلفُ موضوع كلُّ قصةٍ على الأخرى، بين الحب والمعاناة والفقر، إلى الحروب.
يبدأ “سفيان البراق” عمله الأدبي، بقصيدة شبه فلسفية، وقد عنونها بـ “في مديح الحياة”:
“كثيرونَ هم من يَتباهون بقصصهم الناجحة في الحياة، أما أنا فأفتخر بتعاستي في الحياة
الحياةُ سجنٌ لا يمكنكَ الفرارُ منه
الحياةُ تهمسُ بأسرارٍ لا يعرفها النَّاس
الحياةُ قيدٌ والموتُ حريةٌ
الحياةُ تجعلُ مِنْكَ سِواك.
لا تُحب أحداً، عِشْ الحُبَّ مع نفسك، وكنْ أنْتَ وما ستشاءُ لكَ السِّنون. فالحياةُ وهمٌ، وأنْتَ حلمٌ، وما بينكما كلامٌ، وما بينكما حسامٌ بِهما الحربُ تنشبُ وبهما القصيدةُ تَلتهي”.
وهذه بعضُ المُقتطفات المختارة من “حربُ البقاء”:
“في ليلةٍ عاصفة، صرخَ في عُمقِ الظلام. الذئابُ تعوي في الخارج، أقفل الباب، أشعل النار، وضَعْ البندقيةعلى مقربةٍ من ملمسِ يديك، فالذئابُ متواجدةٌ في كلِّ مكان.
“أنجلو” مات لأنَّه لمْ يعرف كيف يُداوي جرحه، أنجلو قتلتهُ الحرب، ظلَّ الوطن يحفرُ فيه كلَّ أشكالِ التلاشي حتى تهاوى كحائطٍ قديم.
تركَ الوطن، ووجد وطناً عارياً في أعينِ الأطفال. ماتبقى من كلماتِهِ، تركتُ الموتَ هناك ووجدتهُ هنا، حكايةُ وطن مات ووطنٍ يحتضر، أسمعُ طلقاتِ الرصاص، أركبُ السيارة، أتخلَّى عنها، المواجهات بين الأطفال والكبار، عرفتُ آنذاك أنَّ العالم أصابتهُ اللَّعنة”.
“أعلمُ عِلْمَ اليقينِ أنَّني سأموتُ ذات يومٍ ميتةَ الكلابِ الضالة، حتى أمي لن تعلم بأمرِ موتي، لا أحدَ سيسألُ عني، لن يحزن عني أحد، لن أسبب لأحدٍ الدخولَ في اكتئابٍ حاد جراء موتي. سأموتُ لوحدي كما يموتُ الغزالُ الذي ابتعد عن سربه فمات وحيداً كئيباً حزيناً تعيساً يكرهُ الحياة ومن فيها، فكَّرتُ في الانتحار مراراً وتكراراً، ولكنني لم أستطع، انتظرتُ بفارغِ الصبر أنْ أموت وأرتاحَ من عذاب الحياة. لقد جئت بهدوء ورحلت بهدوء”.
“أنا سليلُ الصُّدفةِ، أنا أنحدرُ مِنْ حُبٍّ ورغبةٍ وشهوةٍ وانتصابٍ ولذَّةٍ وانتِشاء. أنا الوحيدُ أسمي الرحم الذي نماني، الرحمة والرحمٰنَ والرحيم، دخلتُ إلى الرَّحمِ فاتِحاً مُنتصراً وخرجتُ لا شيءَ يَهزمني”.